وفيه : أن موارد قيام الحجة على الخلاف وبطلان الأعمال الصادرة على طبق الحجة الأولية كما إذا كانت فاقدة لركن من الأركان ، من القلّة بمكان وليست من المسائل عامة البلوى ليستكشف فيها سيرة المتشرعة ، وأنهم بنوا على الاجزاء في تلك الموارد أو على عدمه.
على أنّا لو سلمنا استكشاف السيرة بوجه ، فمن أين يمكننا إحراز اتصالها بزمان المعصومين عليهمالسلام إذ لا علم لنا بأن شخصاً واحداً فضلاً عن جماعة اتفق له العدول في عصرهم عليهمالسلام وبنى على عدم إعادة الأعمال المتقدمة ولم يردع عنه الإمام عليهالسلام حتى نستكشف اتصال السيرة بزمانهم وكونها ممضاة عندهم عليهمالسلام ومن الممكن أن تكون السيرة مستندة إلى فتوى جماعة من الفقهاء ( قدّس الله أسرارهم ).
والّذي يوقفك على ذلك ، أن المسألة لو كانت عامة البلوى في عصرهم عليهمالسلام لسئل عن حكمها ولو في رواية واحدة ، وحيث لم ترد إشارة إلى المسألة في شيء من النصوص فنستكشف بذلك أن كثرة الابتلاء بها إنما حدثت في الأعصار المتأخرة ولم يكن منها في عصرهم عليهمالسلام عين ولا أثر ، فالسيرة على تقدير تحققها غير محرزة الاتصال بعصرهم ولا سبيل معه إلى إحراز أنها ممضاة عندهم عليهمالسلام أو غير ممضاة.
والخلاصة : أن مقتضى القاعدة وجوب الإعادة أو القضاء عند قيام الحجة على الخلاف ، اللهُمَّ إلاّ في الصلاة إذا كان الإخلال بغير الوقت والقبلة والركوع والسجود والطهور وذلك لحديث لا تعاد على ما هو الصحيح من شموله للجاهل القاصر أيضاً كما تقدّم (١).
٥ ـ هل الأُمور الثلاثة في عرض واحد؟
هل الاجتهاد والتقليد والاحتياط في عرض واحد ، وأن المتمكن من أحدها يتمكن من الامتثال بالآخرين أو أنها أُمور مترتبة ولا تصل النوبة إلى واحد منها إلاّ
__________________
(١) راجع ص ٣٣.