[٢٩] مسألة ٢٩ : كما يجب التقليد في الواجبات والمحرّمات يجب في المستحبّات ، والمكروهات ، والمباحات ، بل يجب تعلّم حكم كل فعل يصدر منه سواء كان من العبادات ، أو المعاملات ، أو العاديات (١).
علماً إجمالياً وصلّى في أحدهما ، فإنه وإن لم يمكن الحكم بأنه لم يأت بالصلاة وأنه تارك لها لاحتمال أن يكون النجس هو الثوب الآخر ، إلاّ أنه مما لم يأذن به الله فمثله لا يطلق عليه شيء من العناوين المتقدمة ولا بدّ من الحكم بفسقه ، فهذا الوجه هو الصحيح وما أفاده قدسسره في غاية المتانة.
(١) إذا احتمل معها حكماً إلزامياً أيضاً ، كما إذا احتمل أن يكون ما هو المستحب واجباً واقعاً ، أو يكون المكروه أو المباح حراماً كذلك ، فإنه عند احتمال حكم إلزامي معها لا بدّ من تحصيل المؤمّن على ترك ما يحتمل وجوبه أو ارتكاب ما يحتمل حرمته ، ولا مؤمّن سوى الاجتهاد والتقليد والاحتياط.
وأما لو جزم بالجواز وإن لم يعلم بأنه مباح أو مستحب أو مكروه فلا حاجة فيه إلى التقليد ولا إلى قرينية ، اللهُمَّ إلاّ أن يريد الإتيان بالعمل بعنوان الاستحباب مثلاً فإنه يحتاج معه إلى أحد الطرق الثلاثة ، إذ لو لم يستند في عمله إلى أحدها لكان الإتيان به بذلك العنوان من التشريع المحرّم ، هذا بالإضافة إلى غير العامّي من المكلفين.
وأما بالإضافة إلى العامّي فإن احتمل الوجوب وشيئاً من الأحكام غير الإلزامية كما إذا احتمل استحبابه أو إباحته أو كراهته مع القطع بعدم حرمته فلا حاجة فيه إلى التقليد لتمكن العامّي حينئذٍ من الاحتياط ، فله أن يأتي بالعمل برجاء الوجوب فإنه يكفي في التوصليات من غير نكير ، وكذلك الحال في العبادات لما مرّ من أن العبادة لا يعتبر فيها إلاّ الإتيان بالعمل مضافاً به إلى الله وهو أمر يتحقق عند الإتيان به رجاءً ، وقد قدّمنا جواز الامتثال الإجمالي ولو مع التمكن من الامتثال التفصيلي فلاحظ (١). كما أنه لو احتمل الحرمة وشيئاً من الأحكام الثلاثة مع القطع بعدم
__________________
(١) راجع ص ٤٩.