إذا تنجّست ليست من أعمال الشيطان.
وإن أُريد من «عمل الشيطان» عمل المكلّف المتحقّق في الخارج بإغوائه ليكون المراد بالمذكورات استعمالها على النحو الخاصّ ، فالمعنى : أنّ الانتفاع بهذه المذكورات رجسٌ من عمل الشيطان ، كما يقال في سائر المعاصي : إنّها من عمل الشيطان ، فلا تدلّ أيضاً على وجوب الاجتناب عن استعمال المتنجّس إلاّ إذا ثبت كون الاستعمال رجساً ، وهو أوّل الكلام.
وكيف كان ، فالآية لا تدلّ على المطلوب.
ومن بعض ما ذكرنا يظهر ضعف الاستدلال على ذلك بقوله تعالى ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ (١) ؛ بناءً على أنّ «الرُّجْز» هو الرجس.
وأضعف من الكلّ : الاستدلال بآية تحريم الخبائث (٢) ؛ بناءً على أنّ كلّ متنجّس خبيث ، والتحريم المطلق يفيد (٣) عموم الانتفاع ؛ إذ لا يخفى أنّ المراد هنا حرمة الأكل ، بقرينة مقابلته بحلّيّة الطيّبات.
وأمّا الأخبار :
الاستدلال بالأخبار والجواب عنه
فمنها : ما تقدّم من رواية تحف العقول ، حيث علّل النهي عن بيع وجوه النجس بأنّ «ذلك كلّه محرّم أكله وشربه وإمساكه وجميع التقلّب فيه ، فجميع التقلّب في ذلك حرام» (٤).
__________________
(١) المدّثّر : ٥.
(٢) وهي قوله تعالى ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ﴾ الأعراف : ١٥٧.
(٣) في «ش» : يفيد تحريم.
(٤) تحف العقول : ٣٣٣ ، مع اختلاف.