الإطلاقات لأجل هذا الإشعار ، خصوصاً مع معارضته بما هو كالصريح في حرمة غناء المغنّية ولو لخصوص مولاها ، كما تقدم من قوله عليهالسلام : «قد يكون للرجل الجارية تُلهيه ، وما ثمنها إلاّ ثمن الكلب» (١) ، فتأمّل.
وبالجملة ، فضعف هذا القول بعد ملاحظة النصوص أظهر من أن يحتاج إلى الإظهار. وما أبعد بين هذا وبين ما سيجيء من فخر الدين (٢) من عدم تجويز الغناء بالأعراس (٣) ؛ لأنّ الروايتين وإن كانتا نصّين في الجواز ، إلاّ أنّهما لا تقاومان الأخبار المانعة ؛ لتواترها (٤).
وأما ما ذكره في الكفاية من تعارض أخبار المنع للأخبار الواردة في فضل قراءة القرآن (٥) فيظهر فساده عند التكلّم في التفصيل.
ما ظهر من بعض الطلبة : من منع صدق الغناء في المراثي
وأمّا الثاني وهو الاشتباه في الموضوع ـ: فهو ما ظهر مِن بعض مَن لا خبرة له من طلبة زماننا تقليداً لمن سبقه من أعياننا من منع صدق الغناء في المراثي ، وهو عجيب! فإنّه إن أراد أنّ الغناء مما يكون لمواد الألفاظ دخل فيه ، فهو تكذيب للعرف واللغة.
أمّا اللغة فقد عرفت ، وأمّا العرف فلأنه لا ريب أنّ مَن سمع من بعيد صوتاً مشتملاً على الإطراب المقتضي للرقص أو ضرب آلات
__________________
(١) تقدّم في الصفحة : ٢٩٠.
(٢) يجيء في الصفحة : ٣١٤ عنه وعن جماعة من الأعلام ، فلا وجه لتخصيصه بالذكر ، اللهم إلاّ بملاحظة التعليل المذكور.
(٣) في مصححة «ص» : في الأعراس. وهو الأنسب.
(٤) التعليل من فخر الدين بتفاوت في العبارة ، انظر إيضاح الفوائد ١ : ٤٠٥.
(٥) لم نجد التصريح بالتعارض ، لكن يستفاد من مضمون كلامه ، انظر كفاية الأحكام : ٨٥ ٨٦.