اللهو لا يتأمّل في إطلاق الغناء عليه إلى أن يعلم مواد الألفاظ.
وإن أراد أنّ الكيفية التي يقرأ بها للمرثية لا يصدق عليها تعريف الغناء ، فهو تكذيب للحس.
القول باستثناء الغناء في المراثي نظير استثنائه في الأعراس
وأمّا الثالث وهو اختصاص الحرمة ببعض أفراد الموضوع ـ: فقد حكى في جامع المقاصد قولاً لم يسمّ قائله باستثناء الغناء في المراثي نظير استثنائه في الأعراس ولم يذكر وجهه (١) ، وربّما وجّهه بعضٌ من متأخّري المتأخرين (٢) بعمومات (٣) أدلّة الإبكاء والرثاء ، وقد أخذ ذلك مما تقدم من صاحب الكفاية من الاستدلال بإطلاق أدلّة قراءة القرآن (٤).
المناقشة فيه بأنّ أدلّة المستحبّات لا تقاوم أدلّة المحرّمات
وفيه : أنّ أدلّة المستحبّات لا تقاوم أدلّة المحرمات ، خصوصاً التي تكون من مقدماتها ؛ فإنّ مرجع أدلّة الاستحباب إلى استحباب إيجاد الشيء بسببه المباح ، لا بسببه المحرَّم ، ألا ترى أنّه لا يجوز إدخال السرور في قلب المؤمن وإجابته بالمحرمات ، كالزنا واللواط والغناء؟
والسرّ في ذلك أنّ دليل الاستحباب إنّما يدلّ على كون الفعل لو خلّي وطبعه خالياً عما يوجب لزوم أحد طرفيه ، فلا ينافي ذلك طروّ عنوان من الخارج يوجب لزوم فعله أو تركه كما إذا صار مقدمة لواجب ، أو صادفه عنوان محرم فأجابه المؤمن وإدخال السرور في
__________________
(١) جامع المقاصد ٤ : ٢٣.
(٢) مثل المحقق النراقي في المستند ٢ : ٦٤٤.
(٣) في «ف» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : لعمومات.
(٤) في شرح الشهيدي (٧٧) : ليس في كفاية الأحكام من الاستدلال به أثر في كتابي التجارة والشهادة.