كراهة كسب الماشطة مع شرط الاُجرة المعينة
ثم إنّ المرسلة المتقدّمة عن الفقيه (١) دلّت على كراهة كسب الماشطة مع شرط الأُجرة المعيّنة ، وحكي الفتوى به (٢) عن المقنع وغيره (٣).
والمراد بقوله عليهالسلام : «إذا قبلت ما تعطى» (٤) البناء على ذلك حين العمل ، وإلاّ فلا يلحق العمل بعد وقوعه ما يوجب كراهته.
ثم إنّ أولويّة قبول ما يعطى وعدم مطالبة الزائد :
الحكمة في اُولوية قبول ما يُعطاه الحجّام والختّان والماشطة
إمّا لأنّ الغالب عدم نقص ما تُعطى عن اجرة مثل العمل ، إلاّ أنّ مثل الماشطة والحجّام والختّان ونحوهم كثيراً ما يتوقّعون أزيد ممّا يستحقّون خصوصاً من أُولي المروءة والثروة وربما يبادرون إلى هتك العرض إذا منعوا ، ولا يُعْطَون ما يتوقّعون من الزيادة أو بعضه إلاّ استحياءً وصيانةً للعرض. وهذا لا يخلو عن شبهة ، فأُمروا في الشريعة بالقناعة بما يعطون وترك مطالبة الزائد ، فلا ينافي ذلك جواز مطالبة الزائد والامتناع عن قبول ما يُعطى إذا اتفق كونه دون اجرة المثل.
وإمّا لأنّ المشارطة في مثل هذه الأُمور لا يليق بشأن كثير من
__________________
(١) تقدّمت في الصفحة : ١٦٧.
(٢) ظاهر العبارة : رجوع الضمير إلى «الكراهة» بعد الإغماض عن الإشكال في تذكير الضمير لكنّ الذي وقفنا عليه في المقنع هو الفتوى بمضمون المرسلة ، من دون إشارة إلى الكراهة المستفادة من مفهومها ، فيحتمل أن يكون الضمير راجعاً إلى «المرسلة» بتقدير المضاف ، أي أُفتي بمضمون المرسلة ، فلاحظ.
(٣) انظر المقنع (الجوامع الفقهية) : ٣٠ ، والهداية (الجوامع الفقهية) : ٦٢.
(٤) لفظ الحديث : «إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى».