إذن معنى الآية المباركة : أنه إذا لستم بعالمين فاسألوا أهل الذكر للعمل على طبق قولهم وجوابهم ، فلا مناقشة في دلالة الآية المباركة من هذه الجهة.
وقد يتوهم أن تفسير أهل الذكر في الأخبار ، بأهل الكتاب أو الأئمة عليهمالسلام ينافي الاستدلال بها على جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم والفقيه في الأحكام.
ويندفع بأن ورود آية في مورد لا يقتضي اختصاصها بذلك المورد ، والآية المباركة قد تضمنت كبرى كليةً قد تنطبق على أهل الكتاب وقد تنطبق على الأئمة عليهمالسلام وقد تنطبق على العالم والفقيه ، وذلك حسبما تقتضيه المناسبات على اختلافها باختلاف المقامات ، فإن المورد إذا كان من الاعتقاديات كالنبوّة وما يرجع إلى صفات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فالمناسب السؤال عن علماء أهل الكتاب ، لعلمهم بآثارها وعلاماتها ، كما أن المورد لو كان من الأحكام الفرعية فالمناسب الرجوع فيه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الأئمة عليهمالسلام وعلى تقدير عدم التمكّن من الوصول إليهم ، فالمناسب الرجوع إلى الفقهاء.
وعلى الجملة ، تضمنت الآية المباركة كبرى رجوع الجاهل إلى العالم المنطبقة على كل من أهل الكتاب وغيرهم ، فالاستدلال بها من تلك الناحية أيضاً مما لا خدشة فيه ، هذا.
ولكن الصحيح أن الآية المباركة لا يمكن الاستدلال بها على جواز التقليد ، وذلك لأن موردها ينافي القبول التعبدي ، حيث إن موردها من الأُصول الاعتقادية بقرينة الآية السابقة عليها وهي ﴿ وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾. وهو ردّ لاستغرابهم تخصيصه سبحانه رجلاً بالنبوة من بينهم فموردها النبوة ويعتبر فيها العلم والمعرفة ولا يكفي فيها مجرد السؤال من دون أن يحصل به الإذعان. فلا مجال للاستدلال بها على قبول فتوى الفقيه تعبداً من دون أن يحصل منها العلم بالمسألة.