المعاطاة مفيدة للإباحة يشك في أن الملكية هل حصلت بالمعاطاة الصادرة منه أم لم تحصل. والحجة الثانية تكشف عن أن الملكية لم تحصل من الابتداء لأنها تخبر عن أن الملكية بسبب المعاطاة غير مجعولة في الشريعة المقدسة لعدم الفرق في مدلولها بين الزمان السابق واللاّحق. وعليه فحال الأحكام الوضعية حال الأحكام التكليفية بعينها ولا تختص الأحكام الوضعية بوجه.
وأمّا الأحكام التكليفية فلأن المكلف بعد ما سقطت الحجة السابقة عن حجيتها واتصفت الثانية بالاعتبار ، يشك في وجوب إعادة الأعمال الّتي أتى بها على طبق الحجة السابقة أو قضائها ، إذ لا علم له بمطابقتها للواقع ، وحيث إن الإعادة أو القضاء في ظرف الحجة المتأخرة عمل من أعمال المكلف ، وهو لا يدري حكمه فلا مناص من أن يحرز ذلك بإحراز أن إعماله السابقة كانت مطابقة للواقع أم لم تكن ، وحيث لم يحرز مطابقتهما إحرازاً وجدانياً فلا بدّ من أن يحرزها بالحجة التعبدية ، وليست الحجة عليه هي السابقة لسقوطها عن الاعتبار ، وليس له أن يعتمد عليها بعد قيام الحجة الثانية ، فيتعيّن أن تكون هي الحجة المتأخرة لاعتبارها في حقه ، وبما أنها تدل على بطلانها وعدم كونها مطابقة مع الواقع فتجب إعادتها أو قضاؤها.
وأمّا ما أفاده من أن الحجة المتأخرة لا يعقل أن تكون مؤثرة في الأعمال المتقدمة عليها فيرد عليه :
أوّلاً : النقض بما إذا فرضنا رجلين فاسقين تابا واتصفا بالعدالة فشهدا على ملكية شيء لشخص منذ أسبوع ، أو بنجاسته من أوّل الشهر الماضي ، أو بزوجية امرأة من السنة الماضية ، فهل ترد شهادتهما نظراً إلى أن الشهادة المتصفة بالحجية المتأخرة عن تلك الأُمور لا يعقل أن تؤثر في الأُمور السابقة عليها. وكذا إذا صلّى فشك في أنه ركع أم لم يركع فبنى على أنه قد ركع بقاعدة التجاوز أو بصحة صلاته بقاعدة الفراغ ، وبعد هذا شهد العادلان اللّذان كانا فاسقين حال الصلاة وقد تابا بعد ذلك ، بأنه قد نقص ركوعاً أو ركعة ، أفلا يحكم ببطلان الصلاة نظراً إلى أن حجية الشهادة متأخرة عن الصلاة فلا تؤثر في الأمر المتقدم عليها.
وثانياً الحل وحاصله : أن المراد بأن الحجة المتأخرة لا يمكن أن تؤثر في الأعمال