كما أن الحاكم إذا حكم بالمال لأحد المتخاصمين في ملكية شيء وجب على كليهما أن يرتّبا على المال آثار ملكية المحكوم له ظاهراً ، فيجب على المحكوم عليه دفع المال إلى المحكوم له لعدم جواز نقض الحكم كما مرّ ، إلاّ أنه أي المحكوم له لا يتمكن من أن يتصرف فيه سائر التصرفات إذا علم أن الحكم على خلاف الواقع كما أن المحكوم عليه يجوز أن يسرقه من المحكوم له إذا علم أن المال له وأن حكم الحاكم غير مطابق للواقع. بل لا يبعد الحكم بجواز التقاصّ له من مال المحكوم عليه إذا توفرت الشروط كما إذا علم أن المحكوم له قد ظلمه وادعى المال مع علمه بأنه ليس له. هذا.
وقد يقال بالتفصيل في الشبهات الموضوعية بين ما إذا استند الحاكم إلى اليمين فلا يجوز للمحكوم عليه السرقة والتقاصّ وإن علم أن حكمه ذلك مخالف للواقع وبين ما إذا استند إلى البينة فيجوز ، وذلك للأخبار الواردة في أن من كان له على غيره مال فأنكره فاستحلفه لم يجز له الاقتصاص من ماله بعد اليمين فان اليمين تذهب بالحق وهي عدّة روايات.
منها : ما رواه خضر النخعي « في الرجل يكون له على الرجل المال فيجحده قال : فإن استحلفه فليس له أن يأخذ شيئاً وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقه » (١).
ومنها : رواية عبد الله بن وضّاح وفيها : « ولو لا أنك رضيت بيمينه فحلّفته لأمرتك أن تأخذ من تحت يدك ، ولكنك رضيت بيمينه وقد ذهبت اليمين بما فيها ... » (٢).
ومنها غير ذلك من الروايات.
والصحيح عدم الفرق في جواز الاقتصاص بين اليمين والبينة ، وذلك فإن الأخبار الدالة على أن اليمين تذهب بالحق على طائفتين : إحداهما : واردة في الاستحلاف وأن من له المال لو استحلف المنكر لم يجز له الاقتصاص من ماله بعد اليمين. وثانيتهما : ما ورد في أن المنكر لو حلف لم يجز لمن له المال الاقتصاص من ماله.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٣ : ٢٨٥ / أبواب الأيمان ب ٤٨ ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٤٦ / أبواب كيفية الحكم ب ١٠ ح ٢.