إلاّ إذا تبيّن خطؤه (١)
وأما لو حكم من دون أن يراعي الموازين الشرعية قصوراً أو تقصيراً كما إذا استند في حكمه إلى شهادة النساء في غير ما تصح فيه شهادتهن ، أو استند إلى بينة المنكر دون المدعي ، أو حكم بما هو ضروري الخلاف الكاشف عن قصوره في الاستنباط وعدم قابليته للقضاء فلا مانع من الترافع بعده ، إلاّ أن هذا ليس بنقض للحكم حقيقة لأن الخصومة لم تنفصل واقعاً حتى يجوز وصلها أو لا يجوز ، فإن الحكم غير الصادر على الموازين المقررة كالعدم فلا حكم لينقض.
(١) مقتضى الروايات الواردة في المقام وإن كان أن حكم الحاكم له الموضوعية التامة في فصل الخصومة والنزاع ، إلاّ أن مع التأمل فيها لا يكاد يشك في أن حكم الحاكم غير مغيّر للواقع عمّا هو عليه ، بل الواقع باق بحاله وحكم الحاكم قد يطابقه وقد يخالفه ، كيف وقد صرح بذلك في صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان ، وبعضكم ألحن بحجته من بعض ، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنما قطعت له به قطعة من النار » (١) فإنها صريحة كما ترى في أن القضاء غير مبدّل للواقع وأن من حكم له الحاكم بشيء إذا علم أن الواقع خلافه لم يجز له أخذه.
إذن لا يمكننا أن نرتّب آثار الواقع بحكم الحاكم عند العلم بعدم مطابقته للواقع بلا فرق في ذلك بين الشبهات الحكمية والموضوعية ، وسواء علمنا بالخلاف بالوجدان أم بالتعبد ، فإذا ترافعا في صحة بيع وفساده وادعى أحدهما أنه مائع متنجّس لملاقاته العصير قبل ذهاب ثلثيه أو لاقى عرق الجنب عن الحرام ، والحجة قامت عنده على نجاستهما ، وبنى الآخر على صحة البيع لطهارتهما عنده ، وحكم الحاكم بصحة المعاملة لبنائه على طهارة الملاقي في الصورتين وجب على مدعي البطلان أن يرتّب على المعاملة آثار الصحة تنفيذاً لحكم الحاكم ، إلاّ أنه ليس له أن يرتّب آثار الطهارة على المبيع لعلمه بنجاسته تعبداً.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٣٢ / أبواب كيفية الحكم ب ٢ ح ١.