إذن لا يمكننا الالتزام بجواز البقاء على تقليد من عرضه الفسق أو الجنون أو غيرهما من الموانع ، ولا يقاس افتقاد تلك الشرائط بزوال الحياة المعتبرة أيضاً في المقلّد بحسب الحدوث ، فإن الموت لا يعدّ نقصاً دينياً أو دنيوياً أبداً ، بل هو انتقال من نشأة إلى نشأة فهو في الحقيقة ترقّ من هذا العالم إلى عالم أرقى منه بكثير ومن هنا اتصف به الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ومعه لا مانع من البقاء على تقليد المجتهد الميت وأين هذا مما نحن فيه ، فلا بدّ في تلك الموارد من العدول إلى مجتهد آخر مستجمع للشرائط المعتبرة في المقلّد كما أشرنا إليه في المسألة الرابعة والعشرين فليلاحظ.
أما الصورة الثالثة : وهي ما إذا قلّد مجتهداً مع العلم بكونه واجداً للشرائط المعتبرة وجداناً أو تعبداً وبعد ذلك شكّ في استجماعه لها من الابتداء ، لاحتماله الخطأ في علمه أو لعلمه بفسق الشاهدين ، وكيف كان فقد شك في أنه واجد للشرائط بقاءً سارياً إلى كونه كذلك بحسب الحدوث أيضاً ، ففي هذه الصورة ليس للمقلّد البقاء على تقليد المجتهد ، لأنه وإن كانت فتاواه حجة حدوثاً لمكان العلم الوجداني أو التعبدي بتوفر الشروط فيه ، إلاّ أنها قد سقطت عن الحجية بقاءً لزوال العلم أو لسقوط البينة عن الاعتبار ، والمكلّف كما أنه يحتاج إلى وجود الحجة والمؤمّن له من العقاب المحتمل حدوثاً كذلك يحتاج إليها بحسب البقاء فإن مقتضى تنجز التكاليف الواقعية بالعلم الإجمالي بها استحقاق المكلّف العقاب على تقدير المخالفة ، وهو يحتمل بالوجدان العقاب فيما يرتكبه أو يتركه وقد استقلّ العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب ، ولا مناص معه من أن يستند إلى حجة مؤمّنة من العقاب دائماً ، وحيث إن فتوى مقلّده ساقطة عن الحجية بقاءً فليس له أن يعتمد عليها بحسب البقاء.
نعم ، لو قلنا إن قاعدة اليقين كالاستصحاب حجة معتبرة ، وأن النهي عن نقض اليقين بالشك شامل لكلتا القاعدتين جاز للمكلّف البقاء على تقليد من قلّده في مفروض الكلام ، لأن حجية فتاواه مسبوقة باليقين ولا اعتداد بالشك بعده لأنه ملغى عند الشارع بقاعدة اليقين ، إلاّ أنّا أسبقنا في محلّه أن الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك لا يعم كلتا القاعدتين ، فلا مناص من أن يختص بقاعدة اليقين أو الاستصحاب ، وحيث إن بعضها قد طبق كبرى عدم نقض اليقين بالشك على مورد