الستر والعفاف والخير والصلاح وغير ذلك من العناوين المعلّق عليها قبول شهادته في أخبار الباب.
وأما الكبائر مثل الزنا ، واللواط ، وشرب الخمر ، وقتل النفس ، ونظائرها مما يرونها كبيرة ، فإنها غير قابلة عندهم للمسامحة ، ولا يقبلون فيها الاعتذار بالأعذار العرفية من خجل واستدعاء صديق ونحوهما. فالّذي يعتبر في تحقق وصف العدالة أن يكون الشخص مجتنباً عن كل ما هو كبيرة شرعاً أو في أنظار أهل العرف ، وكذا الصغائر الّتي يؤتى بها مع الالتفات إلى حرمتها من غير استناده إلى شيء من الأعذار العرفية دون الصغائر الّتي لا يلتفت إلى حرمتها أو يستند ارتكابها إلى معذّر عرفي فإن تلك المعصية كلا معصية بالنظر العرفي وتسامحاتهم ، حيث إن مفهوم العدالة والفسق كسائر المفاهيم الّتي يغتفر فيها التسامحات العرفية ، كما في إطلاق الصاع من الحنطة على الحنطة المدفوعة فطرة المشتملة على شيء يسير من ترب أو تبن ونحوه مما يتسامح فيه ، وإطلاق الماء على ما ليس بماء خالص حقيقة لاختلاطه بشيء من الملح أو التراب أو غيرهما ، والذهب على ما امتزج بغيره من الصفر ونحوه مما يخرجه عن الخلوص ، إلى غير ذلك مما يراه العرف مصداقاً لشيء توسعة في المفهوم مع أنه ليس بمصداق له عقلاً وحقيقة.
وعلى الجملة أن حكمهم متبع في تشخيص موضوعات الأحكام ، وإن كان مبنياً على هذا النحو من المسامحات الغير الموجبة لكون الإطلاق مجازياً في عرفهم. اللهُمَّ إلاّ أن يدل دليل شرعي على خطئهم في مسامحتهم ، كما في الكبائر الّتي يستصغرها العرف ويتسامحون في أمرها أي يرونها صغيرة كالكذبة في مقام المزاح أو الغيبة أو غيرهما مما يعدّونه صغيرة لدى العرف وهو من الكبائر واقعاً ، فإن ارتكاب مثلها موجب للفسق والانحراف ، وتلك الموارد من باب تخطئة الشرع للعرف ، وهذا بخلاف الصغائر لما عرفت من أنه من باب التوسعة في المفهوم ، والأنظار المسامحية العرفية متبعة فيها كما مرّ (١).
ولا يخفى أن ما أفاده قدسسره لا يرجع إلى محصّل وذلك لأن العدالة بمفهومها
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ٦٧٥.