لارتكبها ، فمثله ليس بسالك لجادة الشرع وإن لم يكن منحرفاً عنها أيضاً ، فهو في الحقيقة خارج عن موضوع العدالة والفسق.
أما أنه ليس بعادل فلأنه لم يسلك جادة الشرع برادع عن المحرمات والانحرافات وأما أنه ليس بفاسق فلأنه لم يخرج عن جادة الشرع بفعل المحرمات.
وقد يكون ترك المحرمات وفعل الواجبات مستنداً إلى الرادع عن المعصية مع وجود المقتضي لارتكابها ، والرادع عن ارتكاب المعصية مع وجود المقتضي لفعلها قد يكون تسلّط القوة العاقلة على العقل العملي ، بمعنى أن العقل قد يكون مسيطراً على النفس سيطرة تامة فيلاحظ الأعمال الّتي يريد المكلف إصدارها ، فيصدر ما هو محبوب منها لله سبحانه فلا يصدر من المكلف غيره أبداً ، كما حكى ذلك عن السيد الرضي قدسسره وأنه لم يرتكب مباحاً طيلة حياته فضلاً عن الحرام والمكروه والمكلف في هذه الصورة وإن كان سالكاً لجادة الشرع أتم سلوك ، إلاّ أن سلوكه هذا لم يستند إلى خوفه من العقاب وإلاّ لم يكن له أيّ مانع من أن يرتكب المباح والمفروض أنه لا يرتكبه وإنما يرتكب ما هو محبوب لدى الله عزّ وجلّ ومثل ذلك من السلوك لا يعتبر في موضوع الأحكام الشرعية قطعاً ، لاستلزامه تعطيل الأحكام الشرعية في جملة من المقامات فإنه يختص بالأوحدي ، لوضوح أن العدالة بهذا المعنى تلو مرتبة العصمة ، فلا يراد بالعدالة المعتبرة في إمام الجماعة أو الشاهد أو الفتوى أو غيرها مما يعتبر فيه العدالة هذا المعنى بتاتاً.
وقد يكون الرادع عن ارتكاب المعصية مع وجود المقتضي لها رجاء الثواب أو الخوف من العقاب ، كما لعلّه الغالب في آحاد المكلفين لأنهم إنما يجتنبون المعاصي خوفاً من عذابه سبحانه ، وهذا المعنى من العدالة هو المراد منها في موضوع جملة من الأحكام الشرعية ، فمن سلك جادة الشرع برادع الخوف من العذاب أو رجاء الثواب مع فرض وجود المقتضي له للانحراف ، فهو مستقيم في الجادة ومصداق للعادل شرعاً ولغة ، هذا.
ثم إن الرادع عن ارتكاب المحرّم إذا لم يكن هو الخوف أو الرجاء ، فلا يخلو إما أن يكون أمراً محرّماً في نفسه كالرياء ، لأنه إذا أتى بالواجب التعبدي بداعي الرياء وإراءة