بهذا فقد كذّب القرآن ، واستغنى عن الاستعانة بالله» (١) ، انتهى.

ظاهرهم لا فرق بين استلزامه إنكار الصانع وعدمه

ثم لا فرق في أكثر العبارات المذكورة بين رجوع الاعتقاد المذكور إلى إنكار الصانع جلّ ذكره كما هو مذهب بعض المنجّمين وبين تعطيله تعالى عن التصرف في الحوادث السفْلية بعد خلق الأجرام العلْوية على وجه تتحرك على النحو المخصوص ، سواء قيل بقدمها كما هو مذهب بعضٍ آخر أم قيل بحدوثها وتفويض التدبير إليها كما هو المحكي عن ثالث منهم وبين أن لا يرجع إلى شي‌ءٍ من ذلك ، بأن يعتقد أنّ حركة الأفلاك تابعة لإرادة الله ، فهي مظاهر لإرادة الخالق تعالى ، ومجبولة على الحركة على طبق اختيار الصانع جلّ ذكره كالآلة أو بزيادة أنّها مختارة باختيارٍ هو عين اختياره ، تعالى عما يقول الظالمون! لكن ظاهر ما تقدم في بعض الأخبار من أنّ المنجّم بمنزلة الكاهن الذي هو بمنزلة الساحر الذي هو بمنزلة الكافر (٢) مَن عدا الفِرَق الثلاث الأُول ؛ إذ الظاهر عدم الإشكال في كون الفرق الثلاث من أكفر الكفار ، لا بمنزلتهم.

معنى كون تصديق المنجّم كفراً

ومنه يظهر : أنّ ما رتّبه عليه‌السلام على تصديق المنجّم : من كونه تكذيباً للقرآن وكونه موجباً للاستغناء عن الاستعانة بالله في جلب الخير ودفع الشر ، يراد منه إبطال قوله ، بكونه مستلزماً لما هو في الواقع مخالف للضرورة من كذب القرآن والاستغناء عن الله كما هو طريقة‌

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٦ : ٢١٢.

(٢) تقدم نصه عن نهج البلاغة في الصفحة : ٢٠٥.

۴۰۹۱