ما يدّل على أنّ ضابط المنع تحريم الشيء اختياراً

نعم ، يمكن أن يقال : إنّ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» (١) وكذلك الخبر المتقدّم عن دعائم الإسلام يدلّ على أنّ ضابطة المنع تحريم الشي‌ء اختياراً ، وإلاّ فلا حرام إلاّ وهو محلّل عند الضرورة ، والمفروض حرمة شرب الأبوال اختياراً ، والمنافع الأُخر غير الشرب لا يعبأ بها جدّاً ، فلا ينتقض بالطين المحرّم أكله ؛ فإنّ المنافع الأُخر للطين أهمّ وأعمّ من منفعة الأكل المحرّم ، بل لا يُعدّ الأكل من منافع الطين.

فالنبويّ دالّ على أنّه إذا حرّم الله شيئاً بقولٍ مطلق بأن قال : يحرم الشي‌ء الفلاني حَرُمَ بيعه ؛ لأنّ تحريم عينه إمّا راجع إلى تحريم جميع منافعه ، أو إلى تحريم أهمّ منافعه الذي (٢) يتبادر عند الإطلاق ، بحيث يكون غيره غير مقصود منه.

وعلى التقديرين ، يدخل الشي‌ء لأجل ذلك في ما لا ينتفع به منفعةً محلّلة مقصودة ، والطين لم يحرم كذلك ، بل لم يحرم إلاّ بعض منافعه الغير المقصودة منه وهو الأكل بخلاف الأبوال فإنّها حرمت كذلك ، فيكون التحريم راجعاً إلى شربها ، وغيره من المنافع في حكم العدم.

وبالجملة ، فالانتفاع بالشي‌ء حال الضرورة منفعة محرّمة في حال الاختيار لا يوجب جواز بيعه.

ولا ينتقض أيضاً بالأدوية المحرّمة في غير حال المرض لأجل الإضرار ؛ لأنّ حلّيّة هذه في حال المرض ليست لأجل الضرورة ،

__________________

(١) عوالي اللآلي ٢ : ١١٠ ، الحديث ٣٠١.

(٢) كذا في «ش» ومصححة «خ» ، وفي غيرهما : التي.

۴۰۹۱