مقتضى التأمّل في الاخبار عدم الاعتناء بالمنافع النادرة
ما يحرم منفعته الغالبة مع اشتماله على منفعة نادرة محلَّلة مثل قوله عليهالسلام : «لعن الله اليهود حُرِّمَت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها» (١) ؛ بناءً على أنّ للشحوم منفعة نادرة محلّلة على اليهود ؛ لأنّ ظاهر تحريمها عليهم تحريم أكلها ، أو سائر منافعها المتعارفة.
فلولا أنّ النادر في نظر الشارع كالمعدوم لم يكن وجه للمنع عن البيع ، كما لم يمنع الشارع عن بيع ما له منفعة محلّلة مساوية للمحرمة في التعارف والاعتداد [إلاّ أن يقال : المنع فيها تعبّد ؛ للنجاسة ، لا من حيث عدم المنفعة المتعارفة ؛ فتأمّل (٢)].
وأوضح من ذلك قوله عليهالسلام في رواية تحف العقول في ضابط ما يكتسب به : «وكلّ شيءٍ يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فذلك كلّه حلال بيعه وشراؤه .. إلخ» (٣) إذ لا يراد منه مجرد المنفعة وإلاّ لعَمَّ (٤) الأشياء كلَّها ، وقوله في آخره (٥) : «إنّما حرّم الله الصناعة التي يجيء منها الفساد محضاً» نظير كذا وكذا إلى آخر ما ذكره فإنَّ كثيراً من الأمثلة المذكورة هناك لها منافع محلّلة ؛ فإنّ الأشربة المحرّمة كثيراً ما ينتفع بها في معالجة الدوابّ ، بل المرضى ، فجعلها ممّا يجيء منه الفساد
__________________
(١) مستدرك الوسائل ١٣ : ٧٣ ، الباب ٦ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٨ ، عن عوالي اللآلي ودعائم الإسلام.
(٢) ما بين المعقوفتين لم يرد في «ش».
(٣) تحف العقول : ٣٣٣.
(٤) كذا في «ف» ، و «ش» ، وفي سائر النسخ : يعمّ.
(٥) في مصحّحة «ف» : آخرها.