بنجاسة ملاقيه بمقتضى ما دلّ على طهارة المظروف.

ودعوى : أنّا لا نحتاج في إثبات طهارة المائع المظروف إلى التشبث بالأخبار ، لأنه أمر خارج عن الميتة وحاله حال البيضة فيحكم بطهارته حيث لا موجب لنجاسته.

مدفوعة : بأن الأمر وإن كان كما ذكر إلاّ أن قياس المقام بالبيضة قياس مع الفارق فان المظروف من قبيل المائعات ولو لا دلالة الروايات على طهارة ما يلاصقه من الجلد بالالتزام لتنجس بملاقاة الظرف لا محالة ، لأنه من أجزاء الميتة وهي نجسة بالذات ومع نجاسة المظروف لا يمكن الانتفاع به في شي‌ء ، مع أن الروايات الواردة في المقام بظاهرها بل بصراحة بعضها (١) دلّت على أن الحكم بطهارة الإنفحة إنما هو لأجل أن ينتفع بها في الجبن.

هذا والصحيح في المقام أن يقال : إنه لا يسعنا تحقيق مفهوم اللفظة المذكورة إلاّ على سبيل الظن والتخمين ، ونظن أنها اسم لمجموع الظرف والمظروف ، لأنها لو لم تكن موضوعة بإزائهما وقلنا باختصاصها للمظروف فحسب ، فما هو اللفظ الذي وضع في لغة العرب بإزاء ظرفه؟ ومن البعيد جدّاً أن لا يكون للظرف في لغة العرب اسم موضوع عليه.

وكيف كان إذا لم ندر بما وضعت عليه لفظة الإنفحة وشككنا في حكمها ، فلا مناص من الأخذ بالمقدار المتيقن منها وهو المظروف وما يلاصقه من داخل الجلدة فحسب دون خارجها وهو مشمول لأدلة نجاسة الميتة وأجزائها. والاستدلال على طهارة الجلد بقاعدة الطهارة من غرائب الكلام لأنه مع دلالة الدليل الاجتهادي على نجاسة الجلد لا يبقى مجال للتشبث بالأصل العملي.

ومما ذكرناه في المقام يظهر اختصاص هذا الحكم بانفحة الحيوانات المحلّلة الأكل ، لأن الروايات بين ما ورد في خصوص ذلك وبين ما هو منصرف إليه ، وأمّا ما لا يؤكل لحمه كانفحة الذئب ونحوه فلا دليل على طهارتها فلا محالة تبقى تحت عمومات نجاسة الميتة ، وبذلك يحكم بنجاسة مظروفها لأنه وإن كان خارجاً عن الميتة وأجزائها إلاّ أنه مائع قد لاقى الميتة فلا محالة يتنجس بها.

__________________

(١) وهي رواية أبي حمزة الثمالي المرويّة في الوسائل ٢٤ : ١٧٩ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٣ ح ١.

۴۸۵۱