بل الوجه فيه عدم العلم بالحالة السابقة في مثله ، فان عوارض الماهية بهذا المعنى أزلية غير مسبوقة بالعدم ، فإذا شككنا في ثبوت الإمكان للعنقاء مثلاً فلا نتمكن من استصحاب عدمه أزلاً ، إذ لا يقين لنا بعدم ثبوته له في زمان حتى نستصحبه ، لأنه لو كان ممكناً فهو كذلك من الأزل وإن لم يكن ممكناً فهو غير ممكن من الأزل ، وهي كالملازمات العقلية نظير ملازمة وجوب المقدمة لوجوب ذيها حيث إنها على تقدير ثبوتها أزلية غير مسبوقة بالعدم ، كما أشرنا إليه في أواخر بحث مقدمة الواجب.

وعلى الجملة : عدم جريان استصحاب العدم الأزلي في هذه الصورة من أجل عدم العلم بالحالة السابقة ، ومن الظاهر أن جريانه في الأعدام الأزلية لا يزيد بشي‌ء على جريانه في العدم أو الوجود النعتيين وجريانه فيهما مشروط بالعلم بالحالة السابقة فهذا ليس تفصيلاً في جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية بوجه.

وإن أُريد من عوارض الماهية ما يعرض الشي‌ء في مطلق وجوده ذهناً كان أم خارجاً ، كما هو أحد الاصطلاحين في عوارض الماهية كالزوجية العارضة للأربعة أينما وجدت ، فإنّها إن وجدت في الذهن فهي زوج ذهناً وإن وجدت في الخارج فهي زوج خارجاً فهي لا تنفك عن الأربعة في الوجود ، في مقابل ما يعرض الشي‌ء في وجوده الخارجي خاصة كالحرارة العارضة للماء في الخارج ، لبداهة عدم عروضها عليه في الذهن فهو اصطلاح محض ، وإلاّ فهو من عوارض الوجود الأعم من الذهني والخارجي لا من عوارض الماهية ، لأن عارض الوجود على أقسام منها ما يعرض وجود الشي‌ء ذهناً فقط كما في قولنا الإنسان نوع ، لأنه نوع في وجوده الذهني دون الخارجي ، ومن هنا يعبّر عنه بالمحمولات الثانوية ، بمعنى أن النوع إنما يحمل على الإنسان بعد تصوره وتلبسه بالوجود ذهناً ، فأوّلاً يتصور الإنسان وثانياً يحمل عليه النوع ، ومنها ما يعرض الشي‌ء في وجوده الخارجي خاصة كما في عروض الحرارة على النار ، ومنها ما يعرض الشي‌ء في مطلق وجوده إن ذهناً فذهناً وإن كان خارجاً فخارجا.

وكيف كان فعدّ مثل ذلك من عوارض الماهية مع أنه من عوارض الوجود اصطلاح محض لا واقعية له. وعليه فان صحّ جريان استصحاب العدم الأزلي في‌

۴۸۵۱