عوارض الوجود صح جريانه فيما يعرض الأعم من الوجود الخارجي والذهني أيضاً هذا كلّه في الكلام على أصل الكبرى.

وأمّا الكلام في تطبيقها على الكرية فبيانه : أن الكرية من مقولة الكم المتصل ، فإنّها عبارة عن كثرة الماء الواحد بحد تبلغ مساحته سبعة وعشرين شبراً ، أو يبلغ وزنه ألفاً ومائتي رطل عراقي ، والكم من إحدى المقولات العرضية التسعة التي هي من عوارض الوجود ، وبهذا يتضح أن الكرية من عوارض وجود الماء خارجاً وليست من عوارض الماهية ولا من عوارض الأعم من الوجود الخارجي والذهني ، وذلك لأن الماء في نفسه وماهيته لم يؤخذ فيه كم خاص ، إذ كما أن القليل تصدق عليه ماهية الماء كذلك الكر وأضعافه كالبحار ، كما أن تصور الماء لا يلازم وجود الكرية في الذهن.

نعم ، القلة والكرية من عوارض وجوده الخارجي فصح أن يقال : إن هذا الماء لم يكن كرّاً قبل وجوده ، كما أنه لم يكن متصفاً بغير الكرية من الأوصاف الخارجية ، فإن الأوصاف إذا لم تكن من عوارض ماهية الشي‌ء فهي حادثة مسبوقة بالعدم لا محالة وقد عرفت أن الكرية ليست من عوارض ماهية الماء. فإذا علمنا بوجود الماء وتحققه وشككنا في تحقق الكرية معه فنستصحب عدمها الأزلي ، فالإنصاف أنه لا مانع من جريان الاستصحاب في العدم الأزلي فيما نحن فيه ، بل إن جريان الاستصحاب في عدم الكرية أولى من جريانه في عدم القرشية فليلاحظ.

هذا كلّه على أنّا نقول : إن الحكم بقلة الماء المشكوك كريته وعدم اعتصامه لا يتوقف على جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية ، فإن الأصل يجري في عدم كرية المشكوك حتى على القول بعدم جريانه فيها أي في الأعدام الأزلية ، والسر في ذلك أن الأصل في عدم كرية المشكوك يجري في العدم النعتي دون المحمولي ، وتوضيح ذلك :

أن جملة من الآيات المباركة كما عرفت قد نطقت بأن المياه كلّها نازلة من السماء وذكر المستكشفون العصريون أن أصل مياه الأرض هو المطر ، وبعد ما نزلت المياه من السماء وهي قطرات تشكلت منها البحار والأنهار والكر وغيرها بضم بعضها إلى‌

۴۸۵۱