والصحيح ، أن خلافه كمخالفة المحدّثين غير مانعين عن دعوى التسالم على عدم مشروعية تقليد الميت ابتداءً ، وسرّه أن المحقق القمي إنما جوّز تقليد الميت بحسب الابتداء تطبيقاً للمسألة على مسلكه وجرياً على ما هو الصحيح عنده من انسداد باب العلم بالأحكام ، وأن الامتثال الجزمي وهو الاحتياط متعذر على المكلفين ، وأن العقل يتنزل معه إلى امتثالها ظنا ، لأنّه المقدور في حقهم فالمتعين على المكلفين إنما هو العمل بالظن ، بلا فرق في ذلك بين الظن الحاصل من فتاوى العلماء الأحياء وبين الظن الحاصل من فتاوى أمواتهم.
وهذا فاسد مبنى وبناءً ، أمّا بحسب المبنى ، فلما ذكرناه في بحث الانسداد من أن دعوى انسداد باب العلم بالأحكام فاسدة من أساسها ، حيث إنها تبتني على أحد أمرين على سبيل منع الخلو :
أحدهما : دعوى عدم حجية الظواهر بالنسبة إلى غير المقصودين بالافهام.
وثانيهما : البناء على عدم حجية الخبر الموثوق به. وقد أثبتنا في محله حجية كل من الظواهر والخبر الموثوق به ، وقلنا إن حجية الظواهر غير مختصة بمن قصد إفهامه والخبر الموثوق به كالمقطوع صحته ، فدعوى الانسداد فاسدة مبنى.
وأمّا بحسب البناء ، فلأنا لو سلّمنا انسداد باب العلم كما يراه ، فهذا إنما يقتضي اعتبار الظن على خصوص المجتهد ، لأنه حينئذٍ يجب أن يعمل بظنه الحاصل من الأدلة ، وأما العامّي فلا ، لأنه كيف يحصل له الظن بالحكم الواقعي من فتوى الميت عند مخالفة الإحياء ، بل الأموات أيضاً معه في المسألة ، وبالأخص إذا كان الإحياء بأجمعهم أو بعضهم أعلم من الميت ، والاختلاف في الفتوى بين العلماء مما لا يكاد يخفى على أحد ، ومعه لا يحصل للعامّي أيّ ظن بأن ما أفتى به الميت مطابق للواقع ، وأن فتوى غيره من الأموات والأحياء مخالف له كيف فإنه يحتمل خطأه حينئذٍ.
فالصحيح بناء على هذا المبنى الفاسد ، أن يقال : إن العامّي يجب عليه العمل على فتوى المشهور في المسألة ، لأن فتواهم مفيدة للظن في حقه ، هذا كلّه بالنسبة إلى خلاف المحقق القمي.
وأما مخالفة المحدّثين فهي أيضاً كذلك ، وذلك لأنهم إنما رخّصوا في تقليد الميت