أحدهما على الفرض ، فهذان الوجهان لا يأتيان في المقام.
نعم ، قد يستشكل في الاحتياط في العبادات إذا كان مستلزماً للتكرار ، بأن الاحتياط بالتكرار يعدّ عند العقلاء لعباً وعبثاً بأمر السيد ، إذ المكلف مع قدرته على تحصيل العلم بواجبه وجداناً أو تعبداً وتمكنه من الإتيان به من غير ضم ضميمة ، يأتي به مع الضمائم في ضمن أفعال متعددة ، وما كان عبثاً ولعباً كيف يمكن أن يقع مصداقاً للامتثال ، لأن اللعب والعبث مذمومان والمذموم لا يقع مصداقاً للمأمور به والمحبوب.
ويندفع بأن الاحتياط مع التكرار ليس من اللغو والعبث عند تعلق الغرض العقلائي به ، كما إذا توقف تحصيل العلم بالواجب والامتثال التفصيلي على معونة زائدة كالمشي إلى مكان بعيد للمطالعة أو السؤال عمّن قلّده ، ولأجل الفرار عن تحمّل المشقّة يحتاط ويمتثل بالإجمال ، ومعه كيف يكون تكراره لغواً وعبثاً لدى العقلاء.
على أنه إذا عدّ في مورد لعباً وعبثاً ، كما إذا فرضنا أن القبلة اشتبهت بين أربع جهات والمكلف يتمكن من تحصيل العلم بالقبلة من غير صعوبة ، إلاّ أنه أراد العمل بالاحتياط فأتى بالصلاة إلى أربع جهات ، أي كرّرها أربع مرّات ، ولا سيّما إذا ترددت صلاته بين القصر والتمام ، لأن الاحتياط حينئذٍ إنما يتحقق بالإتيان بثمان صلوات وإذا فرضنا أن ثوبه الطاهر أيضاً مردّد بين ثوبين بلغ عدد الصلوات المأتي بها ستة عشر ، كما أنّا لو فرضنا تردّد المسجد أيضاً بين شيئين لا يصح السجود على أحدهما أو كان نجساً مثلاً بلغ عدد الصلوات المأتي بها احتياطاً اثنين وثلاثين ، وقلنا إنّ تكرار صلاة واحدة اثنين وثلاثين مرّة مع التمكن من الامتثال التفصيلي والإتيان بالواجب منها عبث ولعب ، لم يمنع ذلك من الحكم بصحة الامتثال لأن الواجب من الامتثال إنما يتحقق بواحدة من تلك الصلوات ، وهي الصلاة الواقعة إلى القبلة في الثوب والمسجد الطاهرين ، وهي صلاة صحيحة لا لعب فيها ولا عبث وإنما هما في طريق إحراز الامتثال لا أنهما في نفس الامتثال.
فالصحيح جواز الاحتياط في العبادات وإن كان مستلزماً للتكرار ، وعليه فيجوز ترك طريقي الاجتهاد والتقليد والأخذ بالاحتياط استلزم التكرار أم لم يستلزم.