العدلان بينهما ، عن قول أيهما يمضي الحكم؟ قال : ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر » (١).
وهذه الرواية وإن كانت سليمة عن المناقشة من حيث السند على كلا طريقي الشيخ والصدوق وإن اشتمل كل منهما على من لم يوثّق في الرجال ، فإن في الأول حسن بن موسى الخشاب ، وفي الثاني حكم بن مسكين ، وذلك لأنهما ممن وقع في أسانيد كامل الزيارات. على أن حسن بن موسى ممن مدحه النجاشي قدسسره بقوله : من وجوه أصحابنا مشهور كثير العلم والحديث (٢) والحسنة كالصحيحة والموثقة في الاعتبار فلا مناقشة فيها من حيث السند ، إلاّ أنها قاصرة الدلالة على المدعى وذلك للوجه الثاني والثالث من الوجوه الّتي أوردناها على الاستدلال بالمقبولة ، لأن المظنون بل المطمأن به أن موردها الشبهة الحكمية وأن اختلاف العدلين غير مستند إلى عدالة البينة عند أحدهما دون الآخر ، بل إنما هو مستند إلى اعتماد كل منهما في حكمه إلى رواية من رواياتهم عليهمالسلام كما أنها وردت في الترافع إلى حكمين بينهما معارضة في حكمهما ، وأين هذا مما نحن فيه أعني الرجوع من الابتداء إلى القاضي غير الأعلم من دون تعارض.
ومنها : رواية موسى بن أكيل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « سئل عن رجل يكون بينه وبين أخ له منازعة في حق فيتفقان على رجلين يكونان بينهما فحكما فاختلفا فيما حكما قال : وكيف يختلفان؟ قلت : حكم كل واحد منهما للّذي اختاره الخصمان ، فقال : ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله ، فيمضي حكمه » (٣) ويرد على الاستدلال بها.
أولاً : أنها ضعيفة السند ، لأن فيه ذبيان بن حكيم وهو غير موثق بوجه.
وثانياً : أنها إنما وردت في الرجوع إلى الحكمين المتعارضين في حكمهما وهو أجنبي عن المقام ، كما أن موردها لعلّه الشبهة الحكمية واستناد كل منهما في حكمه إلى رواية.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٣ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٠.
(٢) رجال النجاشي : ٤٢ / ٨٥.
(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٣ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٥.