إلى غير الأعلم عند تعذر الرجوع إلى الأعلم وانسداد بقية الطرق ، وتشهد له ملاحظتهم في مثل معالجة المريض المبتلى بمرض خطير غير الممكن تأخير علاجه فإنهم إذا لم يتمكنوا من الرجوع إلى الطبيب الأعلم لراجعوا غير الأعلم من دون كلام ، وهذه الصورة مستثناة عن عدم حجية فتوى غير الأعلم عند العلم بالمخالفة بينه وبين الأعلم إجمالاً.
وإذا لم يتمكن من الرجوع إلى غير الأعلم أيضاً اندرج مفروض الكلام تحت كبرى الانسداد ، وذلك لأن مفروضنا تنجز التكليف على المكلّف وأنه غير مهمل كالبهائم فلا تجري البراءة في حقه ولا طريق له إليه كما أن الاحتياط غير متيسّر له ومعه ينحصر طريق الامتثال للمكلّف بالامتثال الاحتمالي لا محالة ، فإن العقل المستقل بلزوم امتثال التكليف المتوجه إلى العبد من سيده ، يتنزل إلى كفاية الامتثال الاحتمالي عند تعذر الامتثال التفصيلي.
ثمّ إن للامتثال الاحتمالي مراتب بحسب قوة الاحتمال وضعفه ومع التمكن من المرتبة الأقوى منه لا يجوز الاقتصار بالقوي وهكذا ، فأول تلك المراتب العمل بقول المشهور بين الأصحاب لقوة احتمال مطابقته للواقع في مقابل القول النادر ، فمع عدم التمكن من العمل به رجع إلى فتاوى الأموات مقدماً للأعلم منهم على غيره ولو بالإضافة إلى المحصورين لتعذر تشخيص الأعلم من الأموات جمعاً. وإذا تعذر ذلك أيضاً عمل بظنه ، ومع عدم التمكن منه أيضاً ولو لعدم ظنه بشيء عمل بأحد طرفي الاحتمال لأنه الميسور في حقه ، والتكليف بغير الميسور غير ميسور. وهذا كلّه من الامتثال الاحتمالي والتنزل إليه لتعذر الامتثال التفصيلي على الفرض.
ثمّ إن العامّي بعد ما عمل بفتوى غير الأعلم أو قول المشهور أو غيرهما من المراتب المتقدمة يرجع إلى فتوى من يجب عليه تقليده ، فإن كان ما أتى به مطابقاً للواقع حسبما أفتى به مقلّده فهو ، وإلاّ وجب قضاء أعماله أو إعادتها بلا فرق في ذلك بين أن يكون بطلانها مستنداً إلى فقدها لجزء أو شرط ركنين ، وأن يكون مستنداً إلى فقدها لشيء من الأجزاء والشرائط غير الركنيتين. وذلك لما فرضناه من عدم مطابقة عمله للواقع ، وعدم قيام الدليل على كونه مجزئاً عن الواجب الواقعي ، وحديث