إحداهما فلا مناص من الحكم بتساقطهما بالمعارضة.
ولا يقاس المقام بما إذا تعارض السماع من الإمام عليهالسلام مع النقل فإنا إذا سمعنا الحكم من الإمام عليهالسلام شفاهاً جزمنا بعدم مطابقة النقل للواقع لعدم احتمال الخطأ في الإمام عليهالسلام وهذا بخلاف المقام لاحتمال صدور كلتا الفتويين عن المجتهد حتى مع السماع عنه مع العلم بالخطإ في إحداهما ، ولأجل هذا العلم الإجمالي تقع المعارضة بين الفتويين ويتساقطان فلا يمكن الأخذ بشيء منهما ، فتقدم السماع على النقل إنما هو في صورة العلم بعدم خطأ المجتهد في الفتوى المسموعة عنه شفاهاً ، هذا كلّه فيما إذا كانت المعارضة بين السماع والنقل.
وأما إذا وقع التعارض بين السماع والرسالة فإن كانت الرسالة من غيره كما يتفق كثيراً فترى أن الثقة جمع فتاوى المجتهد في كتاب ، فالتعارض وقتئذٍ من تعارض النقل والسماع فيأتي فيه جميع ما قدّمناه في تعارضهما آنفاً.
وأما لو كانت الرسالة بخطه وكتابته أو بخط غيره ولكنها مما لاحظه المجتهد كما إذا جمعها غير المجتهد وهو قد راجعها ونظر فيها ، فالمعارضة من تعارض الفتويين الصادرتين من المجتهد إحداهما شفاهاً والأُخرى كتابة ، وأصالة عدم الخطأ وإن جرت في كل منهما في نفسه ، إلاّ أنه عند تعارضهما لا يبعد دعوى جريان السيرة العقلائية على عدم إجرائها في الفتوى المسموعة عنه شفاهاً ، وذلك لأن الخطأ فيها مظنون ولكنه في فتواه بالكتابة موهوم ، فإن الإنسان بالطبع يهتم ويحتفظ بخصوصيات المطلب عند الكتابة بما لا يحتفظ به في مكالماته شفاهاً ، ومن هنا يشتبه فيها كثيراً بخلاف الكتابة ولا سيما في مقام الاستدلال والاستنباط ، فبما أن الكتابة أضبط وأوثق إذا كانت مأمونة من الغلط لم تجر أصالة عدم الخطأ في معارضها وهي الفتوى بالمشافهة ، عند العقلاء.
ومن ذلك يظهر حكم ما إذا وقع التعارض بين النقل والرسالة ، فإن الكتابة كما تقدم أضبط من الفتوى بالمشافهة فضلاً عن نقلها ، فلا تجري فيها أصالة عدم الخطأ. وعلى الجملة إذا قدّمنا الرسالة على سماع الفتوى من المجتهد بالمشافهة تقدمت على النقل الحاكي عن تلك الفتوى الشفهية بطريق أولى فيحكم بخطإ الناقل ويعمل على طبق الرسالة.