في الثاني بعد قيام الامارة على وجوبه ، هذا بناءً على الصرف.
وأما على التدارك فالأمر أيضاً كذلك لأن المكلف لم يفته شيء من المصلحة على ذلك ، سواء انكشف الخلاف في الوقت أو في خارجه ، هذا كلّه بناءً على السببية في الطرق والأمارات.
وأمّا على القول الآخر وهو كون الحجج والأمارات معتبرة من باب الطريقية كما هو الصحيح حيث إن حجية الطرق والأمارات في الشريعة المقدسة ليست تأسيسية وجعلية ، وإنما هي إمضائية في الجميع بمعنى أن أية أمارة كانت معتبرة عند العقلاء على ما استكشفنا من سيرتهم قد أبقاها الشارع على حجيتها وأمضى اعتبارها ، والعقلاء إنما كانوا يعاملون مع بعض الأشياء معاملة العلم والقطع من حيث كونهما منجّزين على تقدير الإصابة ومعذّرين على تقدير الخطأ وهو معنى الطريقية والكاشفية ، وليس عند العقلاء طريق اعتبروه من باب السببية أي لكونه سبباً لإيجاد مصلحة في المؤدى ليمضيها الشارع كذلك ويبقيها بحالها ، كما أن الشارع لم يعتبر حجية الحجج والأمارات تأسيساً ليتوهم أنها صارت حجة من باب السببية عند الشارع ، إذن ليست من السببية عين ولا أثر في شيء من الطرق ، واعتبارها إنما هو من باب المنجّزية والمعذّرية أي الطريقية فحسب.
فهل مقتضى القاعدة في موارد تبدل الرأي أو العدول من مجتهد إلى مجتهد آخر متخالفين في الفتوى أو غير ذلك من الموارد الّتي يجمعها انكشاف الخلاف في الأحكام الظاهرية ، هو الاجزاء إلاّ فيما دل الدليل على عدمه ، أو أن القاعدة تقتضي وجوب الإعادة أو القضاء وعدم الإجزاء في الأحكام الظاهرية إلاّ أن يدل عليه دليل؟
فنقول قبل الشروع في تحقيق المسألة : إن كلامنا في أن العمل على طبق الاجتهاد السابق أو فتوى المجتهد الأوّل مجزئ عن الواقع عند انكشاف الخلاف ، إنما هو في الموارد الّتي لو علمنا فيها بمخالفة العمل المأتي به على طبق الحجة السابقة مع الواقع لوجبت إعادته أو قضاؤه. وأمّا الموارد الّتي لا يجب فيها الإعادة ولا القضاء حتى مع العلم بالمخالفة فهي خارجة عن محل الكلام. وذلك كما إذا صلّى من دون سورة معتقداً أن فتوى مجتهده ذلك ، ثمّ علم أن فتواه وجوب السورة في الصلاة ، فإنه لا تجب عليه