يرتكب قطع الفريضة احتمالاً وإن قلنا بعدم جواز قطعها جزماً برفعه اليد عن صلاته.
وأما الصورة الثانية : فليس فيها الحكم متنجّزاً على المكلّف وله أن يبني على أحد طرفي الشك حال الصلاة وإتمامها رجاءً على الكيفية المتقدمة في الصورة السابقة ، كما أن له قطع الصلاة واستئنافها من الابتداء ، وذلك لأن حرمة قطع الصلاة غير مستفادة من الأدلة اللفظية حتى يتمسك بإطلاقها وإنما مدركها الإجماع والقدر المتيقن منه ما إذا تمكن المكلف من إتمام الصلاة جازماً بصحتها ولو من جهة كونه متمكناً من التعلّم قبل العمل ، ولا سبيل للمكلّف إلى ذلك في المقام لأنه من المحتمل بطلانها في الواقع باختياره أحد طرفي الشك في مقام العمل ومعه كيف يمكنه إحراز أنه أتمها صحيحة والمفروض أنه لم يكن مكلفاً بالتعلّم قبل العمل.
وهذا بخلاف الصورة المتقدمة لأنها مشمولة للإجماع بلا كلام ومن ثمة ذهب بعضهم إلى وجوب تعلّم مسائل الشك والسهو. بل ادعى شيخنا الأنصاري قدسسره فسق تارك تعلمها ، فإن هاتين الدعويين لا وجه لهما سوى عدم جواز قطع الصلاة على من وجب عليه تعلّم مسائل الشك والسهو ، لأنه لو جاز له قطع الصلاة تمكن المكلّف حينما عرضه الشك في صلاته من أن يقطع ما بيده ويستأنفها ابتداءً ومعه لماذا يجب عليه تعلّم المسائل الراجعة إلى الشك والسهو ، ولماذا يتصف المكلّف بالفسق بترك تعلمها.
ثمّ إنه على كلتا الصورتين إذا رجع المكلّف إلى مقلّده وهو أفتى ببطلان ما أتى به من الصلاة وجبت إعادته كما مرّ.
وهل يختص وجوب الإعادة بما إذا كان العمل المأتي به فاقداً لشيء من الأجزاء والشرائط الركنيتين أو أن الإعادة واجبة مطلقاً سواء أكان العمل المأتي به فاقداً لشيء من الأُمور الركنية أو كان فاقداً لغيرها من الأجزاء والشرائط؟
الثاني هو الصحيح وذلك لأن العمل المأتي به ناقص حينئذٍ وغير مشتمل على الأُمور المعتبرة فيه ، ولا يجري في المقام حديث لا تعاد ، لما مرّ من أن مورده ما إذا كان العمل صحيحاً عند الفاعل ، بالتقليد أو الاجتهاد بحيث لو لم ينكشف له الخلاف لم تجب إعادته ، وليس الأمر كذلك في المقام لأن المكلّف تجب عليه الإعادة انكشف له الخلاف أم لم ينكشف ، لقاعدة الاشتغال القاضية بوجوب الإعادة والإتيان بالمأمور به