ولا يعارضها ما رواه الحسن بن علي بن فضال قال « قرأت في كتاب أبي الأسد إلى أبي الحسن الثاني عليهالسلام وقرأته بخطّه سأله : ما تفسير قوله تعالى ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ ﴾ فكتب بخطّه : الحكّام : القضاة ، ثمّ كتب تحته : هو أن يعلم الرجل أنه ظالم فيحكم له القاضي فهو غير معذور في أخذه ذلك الّذي قد حكم له إذا كان قد علم أنه ظالم » (١) وذلك لأنه إنما ورد في تفسير الآية الشريفة لا في بيان موضوع الحرمة مطلقاً ، ولا مانع من اعتبار الظلم في صدق الباطل دون صدق الحرمة ولو بعنوان آخر.
ويرد عليه أوّلاً : أن المقبولة ضعيفة السند كما مرّ وغير صالحة للاستدلال بها بوجه.
وثانياً : أنها ضعيفة الدلالة على المدعى ، لأن المستفاد من كلمات أهل اللغة أن للسحت إطلاقين فإنها قد تطلق على ما لا يحل كسبه ، وقد يطلق على ما هو خبيث الذات من المحرّمات ، ولا يصدق شيء منهما في المقام ، لأن المال بعينه للمحكوم له وكونه مورداً لحكم الجائر بالرّد إليه لا يحتمل أن يكون مستلزماً لخروجه عن ملكه فلا يكون أخذه من الانتقال المحرّم ، والسحت هو الانتقال من الغير على الوجه المحرّم فإنه معنى ما لا يحل كسبه. كما أنه ليس محرّماً خبيث الذات ، وما لم يكن كذلك لا يطلق عليه السحت وإن حرم بعنوان آخر طار عليه ، فمن أفطر بطعام مملوك له في نهار شهر رمضان لم يصح أن يقال : إنه آكل السحت أو أنه أكل سحتاً ، وإن كان إفطاره هذا محرّماً.
وثالثاً : أن الميراث غير مختص بالعين الشخصية بل إنما هو مطلق يشملها كما يشمل العين المشتركة الّتي تتوقف فيها الحلية على رضى الطرفين بتقسيمها ، إذن لا مانع من حمل الميراث على العين المشتركة وهي لا تنقسم بتقسيم الحاكم الجائر ، فإذا كان هو المباشر أو الآمر بتقسيم الميراث بين المتنازعين لم يجز للمحكوم له التصرف في قسمته ، لعدم خروج العين عن الاشتراك بتقسيمه فيكون المأخوذ بحكمه كما في الدين سحتاً. على أن مورد المقبولة هي الشبهة الحكمية فلا أثر لدعوى أن مورد
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥ / أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٩.