موضوعهما ، وأمّا مع بقائه فلا بدّ من العمل على فتوى المجتهد الّذي قلّده ثانياً ، هذا.
إلاّ أنه لا يرجع إلى محصّل معقول ، فإن فتوى المجتهد السابق إن كانت حجة على مقلديه وجاز تطبيق العمل عليها بحسب البقاء ، فهي كذلك في كلا الموردين وإن لم تكن كذلك ولم يجز تطبيق العمل عليها بقاءً ، فهي أيضاً كذلك في كليهما. اللهم إلاّ أن يدعى أن الإجزاء على خلاف القاعدة ولا يمكن الالتزام به إلاّ بدليل وقد قام الدليل عليه وهو الإجماع في العبادات والمعاملات بالمعنى الأخص دون غيرهما. وسيأتي الجواب عن ذلك قريباً إن شاء الله ، فهذا التفصيل لا أساس له. إذن لا بدّ من الالتزام إمّا باجزاء الأحكام الظاهرية مطلقاً وإمّا بعدمه كذلك.
وتفصيل الكلام في المسألة : أن حجية الطرق والأمارات لو قلنا إنها من باب السببية دون الطريقية بأن يكون قيام الأمارة سبباً لحدوث مصلحة في المؤدى ، ففي المعاملات بالمعنى الأخص أعني العقود والإيقاعات وكذا المعاملات بالمعنى الأعم كما في الطهارة والنجاسة والجامع الأحكام الوضعية بأجمعها ، لا يتحقق انكشاف خلاف قط ووجهه : أن الأحكام الوضعية ليست متعلقة بأفعال المكلفين لتكون كالأحكام التكليفية تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، بل الأحكام الوضعية تتعلق بالموضوعات الخارجية غالباً كما في الملكية والزوجية ونحوهما ، فلا معنى لكون متعلقاتهما ذات مصلحة أو مفسدة بل الأحكام الوضعية تتبع المصالح والمفاسد في جعلها وإنشائها. فإذا أدى اجتهاده مثلاً إلى أن المعاطاة مفيدة للملكية اللاّزمة ، ثمّ قامت عنده الأمارة على أنها لا تفيد إلاّ الإباحة لاشتراط الصيغة في البيع ، كانت الأمارة القائمة على كون المعاطاة مفيدة للملك موجبة لحدوث مصلحة في الحكم بالملكية اللاّزمة في المعاطاة ، كما أنها إذا قامت على الإباحة أوجبت حدوث مصلحة في الحكم بالإباحة بسببها ، ومعه لا معنى لانكشاف الخلاف في الأحكام الوضعية ، إذ المصلحة في الحكم بالملكية إنما تحققت بقيام الحجة على أن المعاطاة تفيد الملكية ، كما أن المصلحة في الحكم بالإباحة كذلك ، إذن ما معنى انكشاف الخلاف في مثلها ، فإن ذلك من باب التبدل في الموضوع كتبدل الحاضر مسافراً أو العكس ، إذ المجتهد قبل أن تقوم عنده الأمارة على الإباحة مثلاً كان ممن قامت عنده الحجة على حصول الملكية