لا يمكن فيه الالتزام بالتصويب.
وأمّا بحسب مرحلة الفعلية فالأحكام الظاهرية فيها ممّا لا يتصوّر فيه التردد والخطأ ، ولا بدّ فيها من الالتزام بالتصويب لأن الاختلاف فيها في تلك المرحلة يستند دائماً إلى التبدل في الموضوع ، ولعلّه لأجل ذلك أخذوا العلم في تعريفهم للفقه وقالوا : الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية ... وتوضيح ما ذكرناه : أن أحداً إذا بنى على وجوب الاحتياط مثلاً عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين لمكان العلم الإجمالي بوجوب أحدهما وعدم انحلاله ، وبنى آخر على جريان البراءة عن الأكثر لانحلال العلم الإجمالي باليقين بوجوب الأقل والشك في وجوب الزائد عليه ، أو اختلفا في جريان البراءة عن حرمة وطء الزوجة بعد انقطاع دمها وقبل الاغتسال فقال أحدهما بجريانها لعدم جريان استصحاب الحرمة عنده ، وقال الآخر بعدم جريانها لأنه مورد لاستصحاب الحرمة المتيقنة قبل انقطاع حيضها ، أو اختلفا في غير ذلك من الأحكام الظاهرية فلا ينبغي التأمل في عدم إمكان مطابقة كلتا النظريتين للواقع ، لاستلزامه كون الاستصحاب أو البراءة مثلاً حجة في مورد وعدم كونه حجة فيه ، فإحداهما خطأ بحسب مرحلة الجعل والثبوت فلا مجال للتصويب في تلك المرحلة كما مرّ.
وأمّا بحسب مرحلة المجعول والوظيفة الفعلية أعني ظرف تحقق الموضوع في الخارج وهو الشك في الأصول ، فليس ما بنى عليه كل منهما قابلاً للتردد والشبهة عنده ، لأن المجتهد إذا بنى على عدم انحلال العلم الإجمالي في المثال فوظيفته الاحتياط لمكان العلم الإجمالي وكونه منجزاً للتكليف ولا يتصوّر في ذلك الخطأ ، كما أن وظيفة من يرى انحلال العلم الإجمالي حينئذٍ هو البراءة للشك في وجوب الزائد على الأقل بالوجدان ، وكذا الحال في المثال الثاني وغيره من الموارد ، فكل مجتهد عالم بالإضافة إلى الأحكام الظاهرية الفعلية لعلمه بتحقق موضوعاتها ، وهو مصيب فيما هو الوظيفة الفعلية وإن كان يحتمل الخطأ في عقيدته ومسلكه بحسب مرحلة الجعل كما مرّ. إذن صحّ أن يقال : إن كل مجتهد مصيب في الأحكام الظاهرية حسب مرحلة الفعلية والمجعول.