قطع الصلاة واستينافها ، وعدم جواز البناء على أحد طرفي الشك وإتمامها مع الإعادة لاحتمال أن يكون المتيقن في حقه هو البناء على الطرف الآخر ، وقد قطعها بالبناء على عكس ذلك ، وهذا لاحتمال أن يكون ما أتى به ناقصاً عن الواجب أو زائداً عليه ويكون مع الإتيان به قد نقص عن صلاته أو زاد فيها متعمداً وهو موجب لبطلانها.
فعلى ما سلكه المشهور في تلك المسألة من حرمة قطع الصلاة وإبطالها يجب على كل مكلف أن يتعلّم المسائل الراجعة إلى الشك والسهو ، لأنه لا سبيل إلى إحراز امتثال الأمر بالصلاة سوى التعلم كما مرّ. هذا إذا علم بابتلائه بمسائل الشك والسهو.
وأما لو احتمل الابتلاء بها يجب تعلّم مسائلهما أيضاً أو لا لمكان استصحاب عدم الابتلاء بها في الأزمنة المستقبلة ونتيجته عدم وجوب تعلم المسائل المذكورة عليه؟
الصحيح أنه لا مانع من جريان الاستصحاب في نفسه ، لأنه على ما بيّناه في محلّه (١) كما يجري في الأُمور الحالية يجري في الأُمور الاستقبالية ، ومع حكم الشارع بعدم ابتلاء المكلف بتلك المسائل وكونه كالعالم بعدم الابتلاء ، لا وجه لوجوب تعلمها وتحصيلها فإن المجعول في الاستصحاب إنما هو الطريقية والوسطية في الإحراز أعني جعل ما ليس بعلم علماً تعبداً كما هو الحال في جميع الطرق والأمارات ، لا الحكم المماثل ليرد أن عدم الابتلاء بتلك المسائل ليس أثراً شرعياً في نفسه ، ولا أنه ذا أثر شرعي كي يتعبد به لدى الشك ، فالاستصحاب تام في نفسه ولا مانع عن جريانه سوى الأدلة القائمة على وجوب التفقه والتعلم ، لأنها بإطلاقها يقتضي عدم جريانه في المقام. لدلالتها على وجوب التعلم وجوباً طريقياً في كل مورد استند ترك الواجب في أوانه إلى ترك التعلم لدلالتها على أن المكلف يستحق العقاب بذلك على ترك الواجب وحيث إن المقام كذلك وأن ترك الواجب مستند إلى ترك التعلم ، فلا مناص من الحكم بوجوب تعلّم مسائل الشك والسهو حتى مع الاحتمال ، هذا إذا لم يكن هناك علم إجمالي بالابتلاء ببعض تلك المسائل. وأما معه فلا مجال للاستصحاب أبداً لعدم جريان الأُصول في أطراف العلم الإجمالي بالمعارضة.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٨٩.