العمل. وذلك إذ لا يعتبر في العبادة سوى الإتيان بالعمل مضافاً به إلى الله سبحانه وهذا متحقق في موارد العمل بالاحتياط ، فإذا فرضنا أن المكلف لو لم يحصّل العلم بإجزاء العبادة وشرائطها ، يتمكن من الاحتياط والإتيان بالعمل واجداً لجميع أجزائه وشرائطه وفاقداً لموانعه على نحو يقطع بحصول الامتثال ، لم يجب عليه تعلم الأجزاء والشرائط بوجه. وإليه أشار الماتن بقوله : ولو لم يعلمها لكن علم إجمالاً ...
وأما إذا لم يتمكن من الإتيان بالمأمور به على نحو يقطع بحصول الفراغ لعدم علمه بما هو الجزء أو الشرط أو المانع ، واحتمل أن يكون العمل المأتي به واجداً لمانعه أو فاقداً لشيء من أجزائه وشرائطه ، وجب أن يتعلم أجزاء العبادة وشرائطها وموانعها لا محالة ، وذلك لما قدّمناه في أوائل الكتاب من أن الأحكام الواقعية متنجّزة على المكلفين بالعلم الإجمالي بوجود أحكام إلزامية في الشريعة المقدسة ، ومعه يجب تحصيل العلم بالفراغ اقتضاءً لقاعدة الاشتغال ، ولا يتحقق هذا إلاّ بتحصيل العلم بإجزاء العبادة وغيرها من الأُمور المعتبرة فيها ، فإنه لولاه لم يحصل له الأمن من احتمال العقاب ، والعقل يلزمه بذلك لوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب ، هذا.
إلاّ أن وجوب التعلم بقاعدة الاشتغال لا يستتبعه سوى الإتيان بالواجب مع العلم بما اعتبر فيه من جزء أو شرط أو مانع ، وأما لزوم التعلم قبل تحقق الشرط في الواجبات المشروطة ، أو قبل دخول الوقت في الواجبات الموقتة فلا لكفاية التعلم بعدهما ، ومن هنا لا يتعلم الحجاج واجباتهم في الحج قبل استطاعتهم بل قبل اشتغالهم بالمناسك وإنما يتعلمونها حال الذبح أو الوقوف أو غيرهما من واجباتهم ، إذ بذلك يحصل العلم بالامتثال ويأمنون به عن احتمال العقاب ، ومعه لا حاجة إلى التعلم قبلهما ، هذا إذا كان متمكناً من التعلم بعد دخول الوقت في الموقتات أو بعد تحقق الشرط في الواجبات المشروطة.
وأما إذا لم يتمكن من التعلم بعدهما بحيث لو ترك التعلم قبل دخول الوقت أو قبل تحقق الشرط لم يتمكن من التعلم بعدهما فهو على قسمين :
لأن التعلم حينئذٍ قد يكون مقدمة إحرازية للامتثال ، ولا يترتب على تركه إلاّ عدم إحرازه فحسب مع تمكنه من الإتيان بنفس الواجب في وقته ، بحيث لو علم به