للظهور لا يتحقق إلاّ بالمعاشرة ، فإنه لولاها لم يعلم كونها في مورد قابل للظهور. إذن لا بدّ من المعاشرة والمصاحبة بمقدار لو كان في المكلف نقص ديني لظهر ، فهي معتبرة في كاشفية حسن الظاهر عن العدالة.
وثانيهما : موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من عامل الناس فلم يظلمهم وحدّثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته وكملت مروءته وظهر عدله ووجبت اخوّته » (١) وبهذا المضمون روايتا الخصال عن عبد الله بن أحمد الطائي عن أبيه (٢) وعيون الأخبار (٣) تركنا نقلهما لضعف إسنادهما ، لدلالتها على أن العدالة تتوقف على عدم ارتكاب الأُمور المذكورة فيها بعد المعاملة والتحديث والمواعدة ، وهي كما ترى تتوقف على المعاشرة.
ويرد على الوجه الأول : أن ستر العيوب يكفي في صدقه وتحققه أن يسترها المكلف في حضوره لجماعة المسلمين مثلاً وعدم ارتكابه ما ينافي ذلك قبل إقامة الجماعة وبعدها وهو بمرأى من المسلمين ، لأنه قد يبتلي قبلها أو بعدها بما هو مورد للظهور فإذا ستر عيوبه ولم يرتكب أمراً ينافي عدالته ، صدق أنه حَسن الظاهر وأنه ساتر لجميع عيوبه فلا يحتاج كاشفية الستر إلى أزيد من ذلك بوجه.
وأما الوجه الثاني : فيرد عليه :
أوّلاً : أن الموثقة أجنبية عن المدعى ، حيث إنها لم تدل على أن العادل لا بدّ له من أن يعامل الناس فلا يظلمهم ويحدّثهم فلا يكذبهم ويواعدهم فلا يخلفهم ، لأن عدم ارتكاب الظلم والكذب وخلف الوعد متفرع على الأفعال المذكورة في الموثقة تفرع النتيجة على الشرط ، بأن يعاملهم ويكون نتيجة معاملته عدم ظلمهم ، ويحدّثهم وتكون نتيجته أن لا يكذبهم وهكذا نظير القضايا الشرطية ، ولم تدل على أن ارتكاب الأفعال المذكورة معتبر في حصول العدالة. وبعبارة واضحة أن قوله عليهالسلام « من عامل الناس .... » في قوة قوله : من ترك ظلم الناس على فرض معاملتهم. ولم
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٢٧٨ / أبواب أحكام العشرة ب ١٥٢ ح ٢.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٦ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١٥.
(٣) المصدر السابق.