فهو من صفات الأعمال الخارجية وليس من الصفات النفسانية في شيء. نعم ، الرضا صفة نفسانية ، إلاّ أنه أجنبي عن المتصف بالعدالة لأنه أمر قائم بالغير ، إذ العادل هو المرضي ، والراضي عن أفعاله هو الغير. ومعنى كونه صالحاً أن لا يكون فاسد العمل ولا مفسداً به فهو أيضاً من صفات الأعمال الخارجية.
وكذلك كونه مأموناً فإن الأمن وإن كان بمعنى اطمئنان النفس وسكونها في مقابل اضطرابها وتشويشها ، إلاّ أنه أمر قائم بالغير دون المتصف بالعدالة ، لأنه المأمون وهو إنما يتحقق بكونه مستقيماً في أعماله ووظائفه بعدم أكله أموال الناس وترك الخيانة في إعراضهم ونفوسهم حتى يطمئنوا به.
وأما الستر فهو بمعنى التغطية وكون المكلف ساتراً ، إما بمعنى أنه ساتر لعيوبه عن الله سبحانه فهو بهذا المعنى عبارة أُخرى عن اجتنابه المعاصي لئلاّ ينهتك سرّه وتظهر عيوبه لدى الله ، وإما بمعنى كونه مستوراً لدى الناس ومعناه أنه لا يتجاسر بالمعاصي ولا يتجاهر بها لدى الناس ، فهذا أيضاً من عناوين الأعمال الخارجية وليس من الصفة النفسانية في شيء.
كما أن الخيّر هو الّذي كانت أعماله خيراً ، والصائن من ترك المعاصي مع وجود المقتضي لارتكابها.
والعفة بمعنى الامتناع عمّا لا يحل ، ففلان عفيف أي ممتنع عمّا لا يحل كأذى الناس وغيره من المحرمات الإلهية ، ويأتي للعفاف بيان زائد على ذلك عند التكلم على الوجه الرابع.
والمتحصل : أن العناوين المذكورة غير منطبقة على الصفات النفسانية بوجه.
الرابع : صحيحة (١) عبد الله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام :
__________________
(١) هكذا عبّروا عنها في كلماتهم إلاّ أن الأمر ليس كذلك لأنها قد رويت بطريقي الصدوق والشيخ قدسسرهما وكلا الطريقين ضعيف. أما طريق الصدوق قدسسره فلأن فيه أحمد بن محمد ابن يحيى العطّار وقد مرّ غير مرّة عدم ثبوت وثاقته. وأما طريق الشيخ قدسسره فلأن فيه محمد بن موسى الهمداني وهو وإن كان ممن وقع في أسانيد كامل الزيارات ومقتضى ذلك وثاقته