ومنها : موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل عن الكوز والإناء يكون قذراً كيف يغسل؟ وكم مرة يغسل؟ قال : يغسل ثلاث مرات ، يصب فيه الماء فيحرك فيه ، ثم يفرغ منه ، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ، ثم يفرغ ذلك الماء ، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه وقد طهر ... » الحديث (١) فلو كانت الغسالة طاهرة لم يكن وجه لوجوب إفراغ الماء عن الإناء في المرتبة الثالثة.

والجواب عن هذا أن مجرد جعل الماء في الإناء لا يوجب صدق عنوان الغسل بالماء القليل ولا يتحقق بذلك مفهومه ، مثلاً إذا أخذ ماء بكفه أو جعل الماء في إناء ليشربه لا يقال إنه غسل كفه أو إناءه بالماء ، بل يتوقف صدق عنوان الغسل على إفراغهما منه ، فالأمر بالافراغ من جهة تحقق عنوان الغسل الواجب ثلاث مرات في تطهير الإناء بالماء القليل ، وغير مستند إلى نجاسة الغسالة.

ومنها : الأخبار الناهية عن غسالة الحمّام (٢) فإن الغسالة لو كانت طاهرة لم يكن وجه للنهي عن غسالة الحمام ، وهذه الأخبار وإن كانت معارضة بما دلّ على طهارة غسالته (٣) إلاّ أنها عللت طهارتها باتصال الغسالة بالمادّة أو بماء الحياض الصغار المتصلة بالمادّة بالأنابيب ، ومنها يظهر أن الغسالة محكومة بالنجاسة لولا اتصالها بمادتها.

ولكن الاستدلال بهذه الأخبار إنما ينفع في مقابل القائلين بطهارة الغسالة مطلقاً كما التزم بها صاحب الجواهر قدس‌سره (٤) لأن تلك الأخبار كما بيناها تدل على‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٩٧ / أبواب النجاسات ب ٥٣ ح ١.

(٢) كما في موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : « وإيّاك أن تغتسل من غسالة الحمام ... » وفي روايته الأُخرى : « لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمّام » وغيرهما من الأخبار المروية في الوسائل ١ : ٢٢٠ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٥ ، ٤.

(٣) كصحيحة محمد بن مسلم وغيرها من الأخبار الدالّة على طهارة ماء الحمام المعللة في بعضها « بأن ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضاً » ، « وأنه بمنزلة الجاري » وفي بعضها : « إذا كانت له مادّة » وغيرها من الأخبار المروية في الوسائل ١ : ١٤٨ / أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٢ ، ٧ ، ١ ، ٤.

(٤) الجواهر ١ : ٣٤٨.

۴۸۵۱