سره ) فإنّها لو كانت كذلك عنده لأوردها في كتابيه في الأخبار ، ولم يوردها إلاّ في الخلاف (١) ، وكأنه نقلها على وجه التأييد ، فإن الفقيه قد يتوسع في الكتب الاستدلالية بما لا يتوسع في كتب الأخبار.

وثانيهما : المناقشة في دلالتها بأن الأمر بالغسل فيها مستند إلى نجاسة ما في الطشت لا إلى نجاسة الغسالة ، وتوضيحه : أنه قد علق الحكم بغسل ما أصابه في الرواية ، بما إذا كان الوضوء من بول أو قذر ، والبول من الأعيان النجسة يبس أم لم ييبس.

وأمّا ما عن المحقق الهمداني من أن البول قد يغسل بعد جفافه ولا تبقى له عين حينئذٍ (٢) فظاهر الفساد لوضوح أن البول من الأعيان النجسة سواء أكان رطباً حال غسله أم كان يابساً.

وكذا الحال في القذر ، لأنه أيضاً بمعنى عين النجاسة من عذرة أو دم ونحوهما على ما تساعد عليه المقابلة بالبول ، إذ القذر بفتح الذال غير القذر بكسره فإن الثاني بمعنى المتنجس وما يتحمّل القذارة ، وعلى هذا لا بدّ في غسلهما من إزالة عينهما وبذلك يتنجس الماء المزال به عين النجاسة لملاقاته لعين النجس ، وأمّا ما يصب على المتنجس مستمراً أو ثانياً أو ثالثاً فهو ماء طاهر كما مر إلاّ أنه يتنجس بعد وقوعه في الطشت بما فيه من الغسالة الملاقية لعين النجس ، فنجاسة ما في الطشت مستندة إلى امتزاج الغسالة الثانية أو الثالثة مع القليل الملاقي لعين النجس قبل زوالها ، وغير مستندة إلى نجاسة الغسالة كما لا يخفى ، فنجاسة الماء في الطشت في مفروض الرواية مما لا خلاف فيه حتى من القائلين بطهارة الغسالة ، فلا يمكن الاستدلال بها على نجاسة الغسالة في محل الكلام.

__________________

قدح إلاّ انّه لما كان من مشايخ النجاشي قدس‌سره وهو قد التزم بأن لا يروي عمّن فيه غمز أو ضعف إلاّ مع واسطة بينه وبينه فيستفاد منه توثيق جميع مشايخه الذين روى عنهم من دون واسطة ومنهم ابن أبي جيد فلاحظ.

(١) الخلاف ١ : ١٧٩.

(٢) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٦٤٧ السطر ١٨.

۴۸۵۱