مني ، وهما لا يزولان بمجرّد صب الماء على البدن ومعه يحكم بنجاسة الماء لملاقاته لعين النجس ، وليس في هذا أي تناف للقول بطهارة الغسالة التي لم تكن معها عين فللقائل بالطهارة أن يلتزم بنجاستها فيما إذا كانت معها عين النجس.

وأمّا الوجه الثاني : فيرده أن منطوق ما دلّ على أن الماء إذا بلغ كراً لا ينجّسه شي‌ء سالبة كلية ، وهي عام أفرادي ولها إطلاق بحسب الأحوال أيضاً ، ومفادها أن كل شي‌ء صدق عليه عنوان الماء عرفاً إذا بلغ قدر كر لا ينفعل بشي‌ء في جميع حالاته كوروده على النجس وبالعكس وغير ذلك ، وأمّا مفهومه فهو كما بيناه في بحث انفعال القليل وبعض المباحث الأُصولية موجبة جزئية ، ومفادها أن الماء غير البالغ قدر كر ينفعل بشي‌ء ، وليس لها عموم أفرادي ولا إطلاق أحوالي ، فلا يستفاد منها في نفسها انفعال الماء القليل بملاقاة كل واحد من أفراد النجاسات.

نعم ، أثبتنا عمومها بمعونة القرينة الخارجية وهي الاستقراء التام في أفراد النجاسات ، والإجماع القطعي على عدم الفرق بين آحادها من الكلب والميتة وغيرهما ، وأيضاً ألحقنا المتنجسات بالأعيان النجسة بما دلّ على أن المتنجس منجّس إما مطلقاً أو فيما إذا لم يكن مع الواسطة كما قرّبناه في محلّه (١). وبهذا كله نحكم بثبوت العموم ، وأن الماء القليل ينفعل بملاقاة كل واحد من أفراد النجاسات والمتنجسات. وأمّا الإطلاق الأحوالي أعني انفعال الماء القليل بملاقاة النجس في جميع حالاته فلا يستفاد من المفهوم لأنه موجبة جزئية ، ولا دليل على العموم من القرائن الخارجية. فإذن لا دليل لنا على انفعال الماء القليل حال كونه غسالة.

وتوضيح ذلك : أن المتنجس إذا كان مما يعتبر في تطهيره تعدد الغسل كالثوب المتنجس بالبول والأواني ونحو ذلك مما فيه عين النجس ، كما إذا كان في المتنجس عين النجاسة ولم تكن تزول بصب الماء عليه مرة واحدة ، والجامع أن لا تكون الغسلة الأُولى متعقبة بطهارة المحل نلتزم فيه بنجاسة الغسالة لأنه ماء قليل لاقى نجساً ولا يفرق في ذلك بين حالاته بحسب الذوق العرفي كما بيناه في رد تفصيل السيد‌

__________________

(١) في ص ١٣٧.

۴۸۵۱