التفصيل بين غسالة الغسلة المزيلة للعين فحكم بنجاستها ، وبين غسالة الغسلة غير المزيلة إمّا لإزالة العين قبلها بشي‌ء أو لأجل عدم العين للنجاسة فاحتاط فيها بالاجتناب. وذهب جماعة إلى نجاستها مطلقاً ، والتزم جماعة أُخرى بطهارتها كذلك ومنهم صاحب الجواهر قدس‌سره حيث استدلّ على طهارتها بوجوه وأصر عليها غايته ، بل جعل طهارتها من الواضحات (١) ، وهناك قول رابع وهو التفصيل بين غسالة الغسلة التي تتعقبها طهارة المحل فهي طاهرة سواء أكانت مزيلة للعين أم لم تكن ، وبين غيرها مما لا تتعقبه طهارة المحل فهي نجسة ، فإذا كان المتنجس مما يكفي في تطهيره الغسل مرة واحدة فغسالة الغسلة الأُولى طاهرة لتعقبها بطهارة المحل ، وأمّا إذا احتاج تطهيره إلى تعدد الغسلات فغسالة الغسلة الأخيرة هي المحكومة بالطهارة لتعقبها بالطهارة دون غيرها من الغسلات ولعلّ هذا التفصيل هو الصحيح.

ولا يخفى أن القول بطهارة الغسالة لا يحتاج إلى إقامة الدليل إذ الأصل في المياه هو الطهارة ونجاستها تحتاج إلى دليل. فان قام دليل على نجاسة الغسالة فهو ، وإلاّ فلا مناص من الالتزام بطهارتها ، ولا بدّ في ذلك من النظر إلى أدلّة القائلين بالنجاسة ، وقد استدلوا على ذلك بوجوه :

أحدها : ما ادّعاه العلاّمة قدس‌سره من الإجماع على نجاسة الماء القليل المستعمل في غسل الجنابة والحيض إذا كان على بدن المغتسل نجاسة كما نقله في الحدائق (٢).

وثانيها : عموم ما دلّ على انفعال الماء القليل بملاقاة النجس.

وثالثها : الأخبار الدالّة على نجاسة الغسالة بخصوصها كما يأتي عن قريب.

أمّا الوجه الأول : فيدفعه : أن الإجماع المدعى من الإجماع المنقول بخبر الواحد وهو مما لا يمكن الاعتماد عليه ، ولا سيما في أمثال المقام فان مورد كلام العلاّمة قدس‌سره هو الماء الذي يستعمله الجنب والحائض وعلى بدنهما نجاسة من دم أو‌

__________________

(١) الجواهر ١ : ٣٤٨.

(٢) الحدائق ١ : ٤٧٨.

۴۸۵۱