أو بغيره من المائعات.
والجواب عن ذلك : أنّ هذه الدعوى مصادرة لأنّها عين المدّعى ، فمن أخبرنا أنّ الغرض من وجوب الغسل مجرّد إزالة العين كيف ما اتفقت كيف ولو صحت هذه الدعوى لتمّ ما ذهب إليه الكاشاني قدسسره من عدم وجوب الغسل رأساً (١) ، فإنّ الإزالة كما تحصل بالغسل تحصل بالدلك والمسح أيضاً ، إذن فما الموجب لأصل وجوب الغسل ، فهذا الوجه استحساني صرف ، والسيد أيضاً لا يرتضي بذلك ، لأنّه يرى أصل الغسل واجباً كما مرّ ، ولا يكتفي بمجرد إزالة العين في حصول الطهارة.
الوجه الرابع : قوله تعالى ﴿ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ (٢) بتقريب انه سبحانه أمر نبيّه الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بتطهير ثيابه ، ولم يقيّد التطهير بالماء. فمنها يظهر أنّ المطلوب مجرد التطهير سواءً كان بالماء أو بشيء آخر.
وفيه : أن الآية لا دلالة لها على المدعى بوجه ، لأنّا إن حملنا التطهير في الآية المباركة على معناه اللغوي ، وهو إزالة الأوساخ والقذارات كما هو المناسب لمقام النبوّة ، فإنّه لا تناسبها الوساخة والقذارة في البدن والثياب المسببتان لإثارة التنفّر والانزعاج ، وهو خلاف غرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بل خلاف قوله أيضاً فإنّه الذي أمر الناس بالنظافة وعدّها من الإيمان بقوله : « النظافة من الإيمان » (٣).
ويؤيّده أنّ أحكام النجاسات لعلّها لم تكن ثابتة في الشريعة المقدسة حين نزول الآية المباركة ، فإن السور القصار إنّما نزلت حين البعثة ، ولم يكن كثير من الأحكام وقتئذٍ ثابتة على المكلفين ، فلا تكون الآية مربوطة بالمقام ، لأن البحث إنّما هو في الطهارة الاعتبارية ، لا في إزالة القذارة والوساخة التي هي معنى التطهير لغة.
وكذا الحال فيما إذا حملنا التطهير في الآية على ما نطقت به الأخبار الواردة في
__________________
(١) مفاتيح الشرائع ١ : ٧٧.
(٢) المدثر ٧٤ : ٤.
(٣) نهج الفصاحة : ٦٣٦.