ذلك سرعة جريان الماء عليها إلاّ في بعض الأراضي كما إذا كانت رخوة ، إلاّ أن كون النضح في بعض الموارد النادرة كذلك لا يصحح الإطلاق في جواب الإمام عليه‌السلام مع كثرة الأراضي الصلبة ، والنضح والرشح فيها يوجبان سرعة رجوع الغسالة كما عرفت.

فما أفاده عليه‌السلام لم يكن تعليماً لطريق يمنع رجوع الغسالة إلى الماء ، بل لو كان عليه‌السلام بهذا الصدد لم يكن محتاجاً إلى الأمر بالنضح أصلاً ، فإنّه في مندوحة من ذلك بأمره بأن يجعل الرمل أو التراب بين موضع غسله ومركز الماء. أو بأمره بالاكتفاء بأقل ما يجتزأ به في الغسل ، وهو صبّ الماء على بدنه قليلاً وإيصاله إلى جميع أطرافه بالمسح من دون أن تجري غسالته على الماء.

فمن هذا كلّه يظهر أنه عليه‌السلام لم يكن بصدد العلاج ، وإنما أمر بالنضح لأن ترتفع الكراهة به ، أو لأن لا يتقذر الماء عرفاً ، وقد ورد الأمر بالنضح في الوضوء أيضاً ، ولعلّه من أحد آداب الوضوء والغسل بالماء القليل. وعليه فلا دلالة في الرواية على التقرير ، بل تدل على ردع السائل عن ارتكازه ، وكأنه عليه‌السلام نبّه على أن رجوع الغسالة إلى الماء لا يمنع عن الاغتسال به ، نعم ، يستحب مراعاة النضح وغيره من الآداب المستحبة في الوضوء والغسل.

ويؤكد ما ذكرناه بل تدل عليه صريحاً صحيحة علي بن جعفر عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع أيغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة؟ إذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعاً للجنابة ولا مداً للوضوء وهو متفرق فكيف يصنع ، وهو يتخوف أن تكون السباع قد شربت منه؟ فقال : إن كانت يده نظيفة فليأخذ كفّاً من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه ، وكفّاً أمامه وكفّاً عن يمينه وكفّاً عن شماله ، فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ، ثم مسح جلده بيده ، فان ذلك يجزيه ، وإن كان الوضوء غسل وجهه ، ومسح يده على ذراعيه ، ورأسه ورجليه وإن كان الماء متفرقاً فقدر أن يجمعه وإلاّ اغتسل من هذا ومن هذا ، وإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل‌

۴۸۵۱