وليس معه إناء والماء في وهدة فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟ قال : ينضح بكفّ بين يديه ، وكفّاً من خلفه وكفّاً عن يمينه وكفّاً عن شماله ، ثم يغتسل » (١) وبهذا المضمون رواية أُخرى مروية عن جامع البزنطي (٢) فليراجع.

وتقريب الاستدلال بهما أن السائل إنما سأله عليه‌السلام عن كيفية الغسل في مفروض المسألة ، لما ارتكز في ذهنه من عدم صحة رفع الجنابة بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر ، وإلاّ لم يكن وجه لسؤاله ، وهو عليه‌السلام قد أقرّ السائل على هذا الارتكاز حيث لم يردعه عنه وصار بصدد العلاج وبيان طريق يمنع عن رجوع الماء المستعمل إلى مركزه ، فالروايتان تدلاّن بالتقرير على عدم ارتفاع الحدث بالماء المستعمل في غسل الجنابة.

وفيه أن الاستدلال بالروايتين يتوقف على إثبات أُمور :

الأوّل : أن المراد بالاغتسال فيهما هو الغسل عن الجنابة دون الاغتسال العرفي بمعنى إزالة الأوساخ ولا الأغسال المستحبة شرعاً.

الثاني : أن السائل قد ارتكز في ذهنه عدم جواز رفع الحدث بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر.

الثالث : أن الإمام عليه‌السلام أقرّ السائل على ما ارتكز في ذهنه ولم يردعه عنه.

وجميع ذلك غير مسلم. ونحن لو سلمنا ثبوت الأمرين الأوّلين بدعوى أن ظاهر الاغتسال هو الاغتسال المعدود من وظائف المسلمين دون غيره ، وأنه لو لم يرتكز في ذهنه عدم جواز رفع الحدث بالماء المستعمل في غسل الجنابة لم يكن وجه لسؤاله لم نتمكن من المساعدة على ثبوت الأمر الثالث بوجه لأنه عليه‌السلام لم يقر السائل على ارتكازه ولا أنه تصدى لبيان العلاج ، وذلك لوضوح أن نضح الماء إلى الجوانب المذكورة في الروايتين لو لم يكن معداً لسرعة جريان الغسالة ورجوعها إلى مركز الماء ، فعلى الأقل لا يكون مانعاً عن رجوعها ، فإن الأرض إذا كانت رطبة تقتضي‌

__________________

(١) و (٢) المرويتان في الوسائل ١ : ٢١٧ / أبواب الماء المضاف ب ١٠ ح ٢.

۴۸۵۱