أحدهما : أن الاغتسال في نفس الخزانة لم يكن مرسوماً في زمانهم كما أنه غير متعارف في زماننا في الحمامات ذات الأحواض الصغيرة ، فإنّهم كانوا يغتسلون حول الحياض حسبما كان متعارفاً عندهم.

وثانيهما : أن ماء الخزانة أكثر من الكر بمراتب ، وأي مانع من الاغتسال في مثله وإن اغتسل فيه جنب؟ فان النزاع كما قدّمناه يختص بالماء المستعمل القليل ، وأمّا المياه المعتصمة فلا مانع من رفع الحدث بها وإن اغتسل فيها من الجنابة.

كما أنه لم يرد به ماء الأحواض الصغيرة ، لعدم تعارف الاغتسال في الحياض ، بل ولا يتيسّر الدخول فيها لصغرها وإنما كانوا يأخذون الماء منها بالأكف والظروف ويغتسلون حولها.

نعم ، قد يتوهّم إرادة ماء الحياض لأحد وجهين :

أحدهما : نجاسة ماء الحياض لأنه قليل ينفعل بملاقاة الأواني أو الأكف المتنجسة.

وثانيهما : أن ماء الحياض من أحد مصاديق الماء المستعمل في رفع الحدث ، وذلك لترشح قطرات الماء المستعمل في رفع الحدث عليه ، فإنّهم كما مرّ كانوا يغتسلون حول الأحواض ، وبذلك يصير ماؤها مستعملاً في رفع الحدث وهو لا يكفي في رفع الحدث ثانياً.

ويندفع ذلك بأن مقتضى غير واحد من الأخبار عدم انفعال ماء الحياض لاتصاله بالخزانة وهي كالمادّة الأصلية له ، كما أن الاغتسال لا يقع في نفس الحياض. والقطرات المنتضحة فيها تستهلك في مائها لقلتها ولا يصدق الماء المستعمل على ماء الحياض ولا يصح أن يقال إنه ماء استعمل في رفع الحدث ، ولا يلتزم القائل بالمنع بعدم جواز رفع الحدث بأمثال ذلك من المياه التي تنتضح فيها قطرات الماء المستعمل في الجنابة كيف وقد ورد في غير واحد من الأخبار عدم البأس بما ينتضح من قطرات ماء الغسل في الإناء (١).

__________________

(١) ففي صحيحة الفضيل قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الجنب يغتسل فينتضح من

۴۸۵۱