ويدفعه : ان العرف يستفيد من الأوامر الواردة في موارد خاصة بغسل ملاقي النجاسات بعد إزالة عينها عدم اختصاص ذلك بموردٍ دون مورد ، فإذا لاحظوا الأمر بغسل الثوب والبدن والفرش والأواني وغيرها بعد إزالة العين عنها بشيء فهموا منه عمومية ذلك الحكم وجريانه في كل شيء لاقاه نجس ، وأمّا أن الغسل الواجب لا بدّ وأن يكون بالماء أو يكفي فيه الغسل بالمضاف أو بشيء آخر أيضاً ، فهو مطلب آخر يأتي بعد هذه المسألة.
وثانياً : قد ورد في موثقة عمار بن موسى الساباطي : « أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل يجد في إنائه فأرة ، وقد توضأ من ذلك الإناء مراراً أو اغتسل منه أو غسل ثيابه ، وقد كانت الفأرة متسلخة؟ فقال إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ، ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الإناء ، فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة ... » (١) وهي تدلنا على وجوب الغسل في ملاقي النجس بلا فرق في ذلك بين أفراده وموارده لعموم الرواية ، حيث اشتملت على لفظة « كل » في قوله : « ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ».
ثم إنّ الفرق بين هذا الوجه والوجه المتقدم لا يكاد يخفى ، فإن الاستدلال هناك إنّما كان بفهم العرف واستفادته عموم الحكم من ملاحظة الأمر بالغسل في الموارد المخصوصة ، وأمّا هنا فإنّما نستدل على عمومية الحكم بدلالة الموثقة عليها وإن لم يكن هناك استفادة العموم عرفاً من ملاحظة خصوصيات الموارد ، وكم فرق بين الاستدلال بالخبر والاستدلال بالفهم العرفي من ملاحظة الموارد الخاصة ، فما ذهب إليه المحدث الكاشاني ( طاب ثراه ) ممّا لا يمكن المساعدة عليه وهو متفرد فيما سلكه في المقام ، ولا نعلم موافقاً له من الأصحاب ، ومن هنا طعن عليه كاشف الغطاء قدسسره على ما ببالي في شرحه للقواعد بأنّه يأتي بفتيا غريبة ومسائل لم يقل بها الأصحاب.
وأمّا ما أشار إليه في ضمن كلامه من عدم تنجس باطن الإنسان وظاهر الحيوان
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٤٢ / أبواب الماء المطلق ب ٤ ح ١.