الماء وكان نبيذ ... » فإن النبيذ على هذا ماء مطلق ، فما معنى عدم القدرة على الماء كما هو واضح ، فهذا الجواب على خلاف مفروض الرواية حيث فرض فيها عدم القدرة على الماء ، ففرض النبيذ من الماء المطلق والقدرة عليه خلاف مفروضها.
فالصحيح في الجواب عن الرواية أن يقال : إنّه لم يعلم أن عبد الله بن المغيرة رواها عن أحد المعصومين عليهمالسلام فإنّه نقلها عن بعض الصادقين والمراد به بعض العدول ، لأن صيغة الصادقين التي هي صيغة جمع في الرواية لمكان البعض لم يرَ استعمالها وإرادة الأئمة منها في شيء من الموارد. نعم ، الصادقين بصيغة التثنية يطلق على الباقر والصادق عليهماالسلام من باب التغليب كالشمسين والقمرين ، وقد عرفت أن الصادقين في المقام ليس بتثنية. وبالجملة أن تعبيره ببعض الصادقين مشعر بعدم إرادته المعصوم عليهالسلام هذا أوّلاً.
وثانياً : لو سلمنا أنّه رواها عن الإمام عليهالسلام فلم يظهر أن ذيلها وهو ما اشتمل على حكم الوضوء بالنبيذ منه عليهالسلام ولعلّه مما أضافه عبد الله بن المغيرة من عنده نقلاً عن حريز. ولم يعلم أن الواسطة بين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحريز من هو؟ وهذا الاحتمال يسقط الرواية عن الاعتبار ، ومعه لا يمكن إثبات حكم مخالف للقواعد بمثلها.
وثالثاً : هب أن ذيل الرواية من الإمام عليهالسلام لكنه لم يظهر منها إمضاؤه لما نقله عن حريز ، فإنّه لو كان مورداً لامضائه لما كان وجه لاسناده إلى حريز ، بل كان يحكم بعدم البأس من قبله ، فإسناده ذلك إلى حريز مشعر بعدم رضائه وأنّه نقله تقية حيث ظهر من حكمه بعدم جواز الوضوء باللّبن أنّه لا يرضى بالوضوء بالنبيذ النجس بطريق أولى ، وكأنّه تصدى لدفع هذا الاستظهار بإظهاره الموافقة مع العامّة بنقل ما حكاه حريز عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذا بناءً على صحّة ما نسبه بعض أصحابنا إلى العامّة من ذهابهم إلى جواز الوضوء بالنبيذ (١).
__________________
(١) ففي الخلاف ١ : ٥٥ بعد حكمه بعدم جواز الوضوء بشيء من الأنبذة المسكرة ما هذا نصّه :