القابلة للتطهير.

فنقول : قد ذهب المشهور إلى اعتصام ماء المطر ومطهريته ، واستدلوا عليه بمرسلة الكاهلي الدالّة على أن كل شي‌ء يراه المطر فقد طهر (١).

ويدفعه : ما ذكرناه غير مرة من أن المراسيل غير قابلة للاعتماد عليها. ودعوى انجبارها بعمل الأصحاب ، ساقطة صغرى وكبرى. أمّا الأُولى : فلعدم إحراز اعتمادهم على المراسيل ، ولا سيما في المقام لوجود غيرها من الأخبار المعتبرة التي يمكن أن يعتمد عليها في المسألة. وأمّا الثانية فلأجل المناقشة التي ذكرناها في محلّها فراجع.

فالصحيح أن يستدل على ذلك بروايات ثلاث :

الأُولى : صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في ميزابين سالا أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل ، لم يضرّه ذلك » (٢) فإنّها دلت على عدم انفعال المطر بإصابة البول. نعم ، لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقها حيث تشمل صورة تساوي الماء والبول وهو يستلزم خروج ماء المطر عن الإطلاق بل وتغيّره بالبول فضلاً عما إذا كان الماء أقل من البول فإنّه يوجب استهلاك الماء في البول ، والوجه في ذلك هو ما دلّ على نجاسة المتغيّر بالنجس وما دلّ على نجاسة البول ، بل لا محيص من حمل الصحيحة على صورة كثرة الماء مع قطع النظر عن نجاسة المتغيّر بالبول وذلك لأجل القرينة الداخلية الموجودة في نفس الصحيحة. وبيانها أن فرض جريان ماء المطر من الميزاب إنما يصح مع فرض كثرة المطر إذ لا سيلان له مع القلّة ولا سيما في السطوح القديمة المبناة من اللبنة والطين ، فان المطر القليل يرسب في مثلهما ومعه لا يمكن أن يسيل ، كما أن سيلان البول من الميزاب يستند غالباً إلى بول رجل أو صبي على السطح ، لا إلى أبوال جماعة لأن السطح لم يعد للبول فيه ، فهذا الفرض في نفسه يقتضي غلبة المطر على البول لكثرته وقلّة البول وعليه فلا تشمل الصحيحة صورة تساوي الماء والبول أو صورة غلبة البول على الماء ، حتى يلزم التخصيص في أدلة نجاسة المتغير بالبول أو نجاسة البول.

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٤٦ / أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٥.

(٢) الوسائل ١ : ١٤٥ / أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٤.

۴۸۵۱