ثم إنه ربما يستدل على طهارة المتمم كرّاً بالأخبار الواردة في اعتصام الكر بمضمون أن الماء إذا بلغ قدر كر لا ينجسه شي‌ء (١). فان « لا ينجسه » على ما شرحناه سابقاً (٢) وإن كان بمعنى عدم إحداث النجاسة في الكر ، فلا دلالة لها على أن الكرية ترفع النجاسة المتقدمة عليها ، إلاّ أنّا أشرنا سابقاً إلى أن الكرية موضوعة للحكم بالاعتصام مطلقاً تحقّقت مقارنة للملاقاة بحسب الزمان أم تقدّمت عليها كذلك وذكرنا أن الموضوع يعتبر أن يتقدم على حكمه رتبة وطبعاً ، ولا يعتبر فيه أن يتقدم على حكمه زماناً ، وعليه بنينا الحكم بالطهارة في الماء الذي طرأت عليه الكرية والملاقاة في زمان واحد معاً.

وكيف كان فمقتضى الأخبار المتقدمة اعتصام الكر مطلقاً وحيث أن الكرية حاصلة في المقام فلا بدّ من الحكم بطهارة المتمم بالكر لبلوغه حد الكر ولو بالملاقاة ، وكذا في المتمم بالفتح للإجماع القطعي على أن الماء الواحد لا يتصف بحكمين ولا سيما بعد الامتزاج وانتشار الأجزاء الصغار من كل واحد منهما في الآخر ، وهي غير قابلة للتجزي خارجاً وإن كانت قابلة له عقلاً ، فلا محيص من الحكم بطهارة كل جزء من الماء المتمم بالفتح الذي لاقاه جزء من الماء المحكوم بالطهارة لأنه ماء واحد.

هذا غاية تقريب الاستدلال بالأخبار المتقدمة ، ومع ذلك كلّه لا يمكن المساعدة عليه بوجه. وذلك لأن التقدم الرتبي وإن كان مصححاً لموضوعية الموضوع وتقدم الكرية أيضاً رتبي ، إلاّ أن هذا إنما يقتضي الطهارة في الماء إذا لم يستند حصول الكرية إلى نفس ملاقاة النجس كما في انبوبين في أحدهما ماء كر وفي الآخر بول ، وأوصلناهما إلى ماء قليل في زمان واحد معاً ، فاستندت كريته إلى أمر آخر غير ملاقاة النجس وهو الماء الموجود في أحد الأُنبوبين. وأمّا إذا استندت كريته إلى ملاقاة النجس فلا وجه للحكم بطهارته ، لأن المستفاد من روايات الباب أن يكون الماء بالغاً حد الكر مع قطع النظر عن ملاقاة النجس ، إذ لو حصلت الكرية بالملاقاة كما في المقام لصدق‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٥٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١ ، ٢ وغيرهما.

(٢) في ص ٢٠٤.

۴۸۵۱