كرّاً بملاقاة النجس ، لما دلّ على انفعال القليل بالملاقاة ، وأمّا غيره من الأفراد فيبقى تحت العمومات لا محالة ومنها الماء المتمم كرّاً بطاهر أو نجس ، إذ لا تشمله أدلة انفعال القليل ، لابتلائها بالمعارض وهو المرسلة المتقدمة ، وبعد تساقطهما لا وجه لرفع اليد عما تقتضيه العمومات المتقدمة وقد عرفت أنها تقتضي طهارة الماء المتمم كرّاً مطلقاً كان المتمم طاهراً أم كان نجساً ، هذا إذا تمت مرسلة السرائر سنداً ودلالة.

وأمّا إذا لم تتم دلالتها كما عليه بعضهم أو سندها كما قدمناه فوصلت النوبة إلى الأُصول العملية فهل يحكم بطهارة المتمم كرّاً مطلقاً أو فيما إذا تمم بطاهر أو بنجاسته كذلك؟.

يختلف هذا باختلاف المباني في المسألة فعلى مسلك المشهور من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لا مانع من استصحاب نجاسة كلا الماءين إذا كان المتمم أيضاً نجساً ، ولا معارض للاستصحاب في شي‌ء منهما ، ولعلّ هذا هو الوجه فيما أفاده الشيخ قدس‌سره من عدم الإشكال في نجاسة المتمم كرّاً فيما إذا تمم بنجس (١) ، وأمّا إذا كان المتمم بالكسر طاهراً سواء امتزج بالمتمم بالفتح أم لم يمتزج فلا محالة يكون استصحاب النجاسة في المتمم بالفتح معارضاً لاستصحاب الطهارة في المتمم بالكسر أمّا في صورة امتزاجهما فالمعارضة ظاهرة لأنهما حينئذٍ ماء واحد وموضوع فأرد لدى العرف ، وأمّا في صورة عدم الامتزاج فللإجماع القطعي على أن الماء الواحد لا يكون محكوماً بحكمين واقعاً ولا ظاهراً فيسقط الاستصحابان ويرجع إلى قاعدة الطهارة.

وأمّا على مسلكنا من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، فلا يبقى لجريان استصحابي النجاسة والطهارة مجال في شي‌ء من الصورتين ، بل يرجع إلى قاعدة الطهارة مطلقاً سواء تممناه بالماء الطاهر أو النجس ، وسواء حصل بينهما الامتزاج أم لم يحصل كما ذهب إليه ابن إدريس قدس‌سره (٢).

__________________

(١) المبسوط ١ : ٧.

(٢) السرائر : ٦١.

۴۸۵۱