وهو زيدي منقطع المذهب ، وما رأيت شيئاً أعجب من دعوى ابن إدريس إجماع المخالف والمؤالف على نقلها وصحتها. ولم يعمل على طبقها ولم ينقلها أحد من الموافق والمخالف. ومن هذا ظهر أنّا لو قلنا باعتبار الإجماعات المنقولة أيضاً لا نقول باعتبار هذا الإجماع الذي نقله ابن إدريس فضلاً عما إذا لم نقل باعتبارها كما لا نقول ، لأنها إخبارات حدسية. وعلى الجملة الرواية غير تامة من حيث السند.

ثم لو تنزلنا وبنينا على صحة سندها أيضاً لم يمكن الركون إليها ، لأنها معارضة بما دلّ على التجنب عن غسالة الحمام معللاً بأن فيها غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لأهل البيت وهو شرهم (١) فإن إطلاقها يشمل ما إذا بلغت الغسالة كرّاً بما يرد عليها من المياه المتنجسة ، كما لا يبعد ذلك في الحمامات القديمة والنسبة بينها وبين المرسلة عموم من وجه فيتعارضان في الغسالة المتممة كرّاً فيتساقطان.

وكذلك معارضة بما دلّ على انفعال الماء القليل بملاقاة النجس ، والنسبة بينها وبين المرسلة أيضاً عموم من وجه ، وتفصيل ذلك : أن لأدلة انفعال القليل إطلاقاً من جهتين.

إحداهما : أن القليل إذا تنجس تبقى نجاسته إلى الأبد ما لم يطرأ عليه مزيل شرعي ، بلا فرق في ذلك بين المتمم كرّاً وغيره من أفراد القليل ، لوضوح أن التتميم كرّاً لم يثبت كونه مزيلاً للنجاسة شرعاً.

وثانيتهما : أن القليل ينفعل بملاقاة النجس مطلقاً سواء بلغ كرّاً بتلك الملاقاة أم لم يبلغه. ورواية ابن إدريس على تقدير تمامية سندها ودلالتها ، معارضة بتلك الأدلّة المطلقة من جهتين ، إذ المرسلة كما عرفت تقتضي طهارة المتمم كرّاً لما قدمناه من‌

__________________

(١) كما في موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : « وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ، ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم ، فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه » المروية في الوسائل ١ : ٢٢٠ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٥.

۴۸۵۱