القلة ، لا للعلم بتاريخ الملاقاة بل لعدم ترتب أثر عملي عليه فتبقى أصالة عدم حدوث القلة إلى زمان الملاقاة سليمة عن المعارض. ويأتي في الاحتياط في هذه المسألة ما قدّمناه في المسألة المتقدمة فراجع.

وأمّا المسألة الثالثة : وهي ما إذا كان تاريخ القلة معلوماً دون الملاقاة ، فقد ذهب الماتن إلى نجاسة الماء جرياً على مسلكه من عدم جريان الأصل فيما علم تاريخه من الحادثين ، فلا تجري أصالة عدم حدوث القلة إلى زمان الملاقاة للعلم بتاريخ القلّة وتبقى أصالة عدم حدوث الملاقاة إلى زمان حدوث القلّة بلا معارض ومقتضاها الحكم بنجاسة الماء.

وفيه مضافاً إلى المناقشة المتقدمة في كبرى ما أفاده من التفصيل ، أن أصالة عدم حدوث الملاقاة إلى زمان القلة غير جارية في نفسها سواء قلنا بجريان الأصل فيما علم تاريخه أيضاً أم لم نقل لعدم ترتب ثمرة عملية عليها ، فعلى مسلكه قدس‌سره لا بدّ من التمسك بقاعدة الطهارة ، وأمّا على مسلكنا من جريان الأصل فيما علم تاريخه فلا مناص من استصحاب عدم حدوث القلة إلى زمان حدوث الملاقاة ومقتضاه كما عرفت هو الحكم بطهارة الماء.

نعم ، قد يتوهّم الحكم بنجاسة الماء في هذه الصورة بوجهين :

أحدهما : أن نلتزم باعتبار الأُصول المثبتة ، فإن استصحاب عدم الملاقاة إلى زمان القلة يثبت حينئذٍ تحقق الملاقاة بعد عروض القلة وهو يقتضي نجاسة الماء.

وثانيهما : أن تكون أصالة تأخر الحادث أصلاً عقلائياً برأسها بأن يكون بناؤهم على تأخر الحادث عند الشك في تقدمه وتأخره عن الحادث الآخر ، وهو أيضاً يقتضي الحكم بحدوث الملاقاة متأخرة عن القلة الموجب لنجاسة الماء.

ولكنه قدس‌سره لا يلتزم بالأُصول المثبتة ، كما أن أصالة تأخر الحادث لا أساس لها وهو كلام لا يبتني على دليل ، والمقدار الثابت منها أنه إذا علم وجود شي‌ء في زمان وشك في أنه حدث قبل ذلك الزمان أو في ذلك الزمان بعينه ، فيبني على عدم حدوثه قبل الزمان الذي علمنا بوجوده فيه قطعاً ، وأمّا أنه متأخر عن الحادث‌

۴۸۵۱