بيان ذلك : أن الرِّطل بكسر الراء وفتحه لغة بمعنى : الوزن رطله ، كذا أي وزنه بكذا ، ثم جعل إسماً لمكيال معيّن يكال به طريقاً إلى وزن خاص ، كما هو الحال في زماننا هذا في كيل الجص حيث إنه موزون ولكنهم يكيلونه بمكيال خاص بجعله طريقاً إلى وزن معيّن تسهيلاً لأمرهم وكذا في اللبن على ما نشاهده في النجف فعلاً. وكيف كان فهذا المكيال الخاص كالمن في زماننا هذا له معان ، فكما أن المن يطلق على الشاهي تارة وعلى التبريزي اخرى وعلى الاستامبولي ثالثة وعلى العراقي رابعة ، كذلك الرطل في زمانهم عليهم‌السلام كان يطلق على العراقي مرة وهو ألف وثلاثمائة درهم ، وأُخرى على المدني وهو ألف وتسعمائة وخمسون درهماً ، وثالثة على المكي وهو ضعف العراقي أعني ألفين وستمائة درهم. وقد استعمل في كل من هذه المعاني في الأخبار على ما يستفاد من بعض الروايات. وعليه فهو مجمل مردد في الروايتين بين محتملات ثلاثة ، ولا وجه لحملة على المكي في صحيحة محمد بن مسلم بدعوى أنه من أهل الطائف والإمام عليه‌السلام تكلّم بلغة السامع ، إذ لا عبرة بعرف السامع في المحاورات والمتكلّم إنما يلقي كلامه بلغته وحسب اصطلاحه ، ولا سيما إذا لم يكن مسبوقاً بالسؤال وهم عليهم‌السلام كانوا يتكلّمون بلغة المدينة. هذا على أن محمد بن مسلم على ما ذكره بعض آخر كوفي قد سكن بها ، وكيف كان فالرطل في الروايتين مجمل في نفسه إلاّ أن كل واحدة منهما معينة لما أُريد منه في الأُخرى ، حيث إنّ لكل منهما دلالتين إيجابية وسلبية ، وهي مجملة بالإضافة إلى إحدى الدلالتين وصريحة بالإضافة إلى الأُخرى وصراحة كل منهما ترفع الإجمال عن الأُخرى وتكون مبيّنة لها لا محالة.

فصحيحة محمد بن مسلم لها دلالة على عقد إيجابي ، وهو أن الكر ستمائة رطل وعلى عقد سلبي وهو عدم كون الكر زائداً على ذلك المقدار وهي بالإضافة إلى عقدها السلبي ناصّة لصراحتها في عدم زيادة الكر عن ستمائة رطل ولو بأكثر محتملاته الذي هو الرطل المكي ، فهو لا يزيد على ألف ومائتي رطل بالأرطال العراقية ، إلاّ أنها بالنسبة إلى عقدها الإيجابي مجملة إذ لم يظهر المراد بالرطل بعد ، هذا حال الصحيحة.

وأمّا المرسلة فلها أيضاً عقدان إيجابي وهو أن الكر ألف ومائتا رطل وسلبي وهو‌

۴۸۵۱