إحداهما : صحيحة البقباق قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن فضل الهرة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباغ فلم أترك شيئاً إلاّ سألت عنه؟ فقال : لا بأس به حتى انتهيت إلى الكلب؟ فقال : رجس نجس لا تتوضّأ بفضله وأصيب ذلك الماء ، واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء » (١).

وثانيتهما : ما عن معاوية بن شريح قال : « سأل عذافر أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن سؤر السنور والشاة والبقرة والبعير والحمار والفرس والبغل والسباع يشرب منه أو يتوضأ منه؟ فقال : نعم ، اشرب منه وتوضأ منه قال : قلت له الكلب؟ قال : لا. قلت أليس هو سبع؟ قال : لا والله إنه نجس ، لا والله إنه نجس » (٢) وتقريب الاستدلال بهاتين الروايتين انّه عليه‌السلام علل الحكم بعدم جواز التوضؤ والشرب من سؤر الكلب بأنه رجس نجس.

فيعلم من ذلك أن المناط في التنجس وعدم جواز الشرب والوضوء هو ملاقاة الماء للنجس فنتعدّى من الكلب الذي هو مورد الرواية إلى غيره من أفراد النجاسات ومن الظاهر أن النجس كما يصح إطلاقه على الأعيان النجسة كذلك يصح إطلاقه على المتنجسات حيث لم يؤخذ في مادّة النجس ولا في هيئته ما يخصّه بالنجاسة الذاتية بل يعمها والنجاسة العرضية فالمتنجس نجس حقيقة ، فإذا لاقاه شي‌ء من القليل فقد لاقى نجساً ويحكم عليه بالنجاسة وعدم جواز الشرب والوضوء منه ، فالروايتان تدلاّن على منجسية المتنجسات للقليل سواء أكانت مع الواسطة أم بلا واسطة.

ولكن للمناقشة في الاستدلال بهما مجال واسع أمّا في الرواية الأُولى فلأنها وإن كانت صحيحة سنداً إلاّ أن دلالتها ضعيفة ، والوجه فيه : أن الرجس إنما يطلق على الأشياء خبيثة الذوات ، وهي التي يعبّر عنها في الفارسية بـ « پليد » كما في قوله تعالى ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣) ولا يصح إطلاقه على المتنجِّسات فهل ترى‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٢٦ / أبواب الأسآر ب ١ ح ٤ ، ٦.

(٢) الوسائل ١ : ٢٢٦ / أبواب الأسآر ب ١ ح ٤ ، ٦.

(٣) المائدة ٥ : ٩٠.

۴۸۵۱